للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ. فإنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ

ــ

وثلاثين ثم كهل وكذا ذكره الزمخشري، وقال ابن شاس المالكي في الجواهر: إلى أربعين، وإنما خص الشباب بالخطاب لأن الغالب وجود قوة الداعي فيهم إلى النكاح بخلاف الشيوخ وإن كان المعنى معتبرًا إذا وجد السبب في الكهول والشيوخ أيضًا (من استطاع منكم الباءة) أي من قدر منكم الباءة أي مؤن النكاح أي من وجد منكم ما يتزوج به من مهر ونفقة يوم وليلة، وكذا كسوة إذ الخطاب للقادرين على الفعل وإلا لم يستقم قوله: "ومن لم يستطع فعليه بالصوم"، وفي الباءة أربع لغات الفصيحة المشهورة منها (الباءة) بالمد والهاء، والثانية (الباة) بلا مد، والثالثة (الباء) بالمد بلا هاء، والرابعة (الباهة) بهاءين بلا مد، قال الخطابي: المراد بالباءة النكاح، وأصله الموضع الذي يتبوؤه ويأوي إليه، وقال المازري: اشتق العقد على المرأة من أصل الباءة لأن من شأن من يتزوج المرأة أن يبوأها منزلًا، وقال النووي: اختلف العلماء في المراد بالباءة هنا على قولين يرجعان إلى معنى واحد أصحهما أن المراد معناها اللغوي وهو الجماع، تقديره من استطاع منكم الجماع لقدرته على مؤنه وهي مؤن النكاح (فليتزوج) ومن لم يستطع الجماع لعجزه عن مؤنه فعليه بالصوم ليدفع شهوته ويقطع شر منيه كما يقطعه الوجاء، وعلى هذا القول وقع الخطاب مع الشباب الذين هم مظنة شهوة النساء ولا ينفكون عنها غالبًا، والقول الثاني أن المراد هنا بالباءة مؤن النكاح سميت باسم ما يلازمها تقديره من استطاع منكم مؤن النكاح فليتزوج ومن لم يستطع فليصم لدفع شهوته (فإنه) أي فإن التزوج (أغض للبصر) أي أشد غضًا لها أي أخفض وأدفع لعين المتزوج عن الأجنبية من غض طرفه إذا خفضه وكفه (وأحصن للفرج) أي أشد إحصانًا له ومنعًا من الوقوع في الفاحشة أي أحفظ لوقوع الفرج في الحرام، وما ألطف ما وقع لمسلم حيث ذكر عقب حديث ابن مسعود هذا بيسير حديث جابر رفعه "إذا أحدكم أعجبته المرأة فوقعت في قلبه فليعمد إلى امرأته فليواقعها فإن ذلك يرد ما وقع في نفسه" فإن فيه إشارة إلى المراد من حديث الباب، وقال ابن دقيق العيد: يحتمل أن يكون أفعل على بابها فإن التقوى سبب لغض البصر وتحصين الفرج، وفي معارضتها الشهوية الداعية وبعد حصول التزوج يضعف هذا العارض فيكون أغض وأحصن مما لم يكن لأن وقوع الفعل مع ضعف الداعي أندر من وقوعه مع وجود الداعي، ويحتمل أن يكون أفعل فيه لغير المبالغة بل إخبار عن الواقع فقط، وفيه الحث على كض البصر وتحصين الفرج بكل

<<  <  ج: ص:  >  >>