الطبيعي وذلك يدعو إلى الفتنة التي هي أعظم من فتنة الشيطان، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: "ما تركت في أمتي فتنة أعظم على الرجال من النساء" رواه أحمد والبخاري ومسلم والترمذي، فلما خاف صلى الله عليه وسلم هذه المفسدة على أمته أرشدهم إلى طريق بها تزول وتنحسم فقال:(فإذا أبصر أحدكم امرأة) أي وقع بصره على امرأة أجنبية فأعجبته فوقع في نفسه شيء من الشهوة والميل الطبيعي (فليات أهله) أي فليواقع أهله وزوجته ويجامعها، ثم أخبر بفائدة ذلك الوقاع بقوله:(فإن ذلك) الوقاع على أهله (يرد ما) وقع (في نفسه) من الميل الطبيعي.
وللرد وجهان: أحدهما: أن المني إذا خرج انكسرت الشهوة وانطفأت فزال تعلق النفس بالصورة المرئية، وثانيهما: أن محل الوطء والإصابة متساو من النساء كلهن والتفاوت إنما هو من خارج ذلك فليكتف بمحل الوطء الذي هو المقصود ويغفل عما سواه، وقد دل على هذا ما جاء في هذا الحديث في غير مسلم بعد قوله: فليأت أهله "فإنه معها مثل الذي معها" رواه ابن حبان [٥٥٧٢].
(تحذير): لا يظن برسول الله صلى الله عليه وسلم لما فعل ذلك ميل نفس أو غلبة شهوة حاشاه عن ذلك، وإنما فعل ذلك ليَسُنّ وليُقتدى به وليحسم عن نفسه ما يتوقع وقوعه اهـ من المفهم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٣/ ٣٣٠] وأبو داود [٢١٥١]، والترمذي [١١٥٨].
(تتمة): قوله: (فقضى حاجته) قال النووي: قال العلماء إنما فعل هذا بيانًا لهم وإرشادًا إلى ما ينبغي لهم أن يفعلوه فعلّمهم بفعله وقوله، وفيه أنه لا بأس بطلب الرجل امرأته إلى الوقاع في النهار وغيره وإن كانت مشتغلة بما يمكن تركه لأنه ربما غلبت على الرجل شهوة يتضرر بالتأخير في بدنه أو في قلبه وبصره والله تعالى أعلم.
قوله:(ثم خرج إلى أصحابه فقال): الخ قال القاضي أبو بكر بن العربي: الحديث غريب المعنى فإن الذي جرى منه شيء لا يعلمه إلا الله تعالى وإنما أذاعه للتعليم وما وقع في نفسه من إعجاب المرأة غير مؤاخذ به ولا ينقص من منزلته وهو من مقتضى الجبلة والشهوة الآدمية وغلبها بالعصمة فأتى أهله ليقضي حق الإعجاب والشهوة الآدمية