للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ابْنُ وَهْبٍ. أَخبَرَنِي يُونُسُ. قَال ابْنُ شِهَابٍ: أَخبَرَنِي عُرُوَةُ بن الزُّبَيرِ؛ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيرِ قَامَ بِمَكَّةَ فَقَال: إِنَّ نَاسًا، أَعْمَى اللهُ قُلُوبَهُمْ. كَمَا أَعْمَى أَبْصَارَهُمْ. يُفْتُونَ بِالْمُتْعَةِ. يُعرِّضُ بِرَجُلٍ. فَنَادَاهُ فَقَال: إِنَّكَ لَجِلْفٌ جَافٍ

ــ

(بن وهب) القرشي المصري (أخبرني يونس) بن يزيد الأيلي الأموي، قال: (قال) لنا (ابن شهاب) الزهري المدني: (أخبرني عروة بن الزبير) الأسدي المدني، غرضه بسوق هذا السند بيان متابعة يونس لمن روى عن ابن شهاب (أن عبد الله بن الزبير قام) خطيبًا (بمكة) في زمن خلافته (فقال: إن ناسًا أعمى الله قلوبهم) عن معرفة الحق، والصواب يعني لا يهتدون إلى الحق أراد به التعريض بابن عباس لتجويزه المتعة يدل على كون مراده بالناس ابن عباس قوله: (كما أعمى الله أبصارهم) الظاهرة عن إدراك المبصرات فإنه قد عمي في آخر عمره، لكنه رضي الله عنه وإن صار ضريرًا في ظاهره قد كان بصيرًا في باطنه كما قال هو:

إن يأخذ الله من عيني نورهما ... ففي لساني وقلبي منهما نور

قلبي ذكي وعقلي غير ذي دخل ... وفي فمي صارم كالسيف مأثور

وجملة قوله: (يفتون) أي يجيبون للناس في استفتائهم (بالمتعة) أي بجواز المتعة مع أنها حرام بنص قاطع، بدل من جملة قوله: أعمى الله قلوبهم على كونها خبر إن (يُعرِّض) عبد الله بن الزبير بقوله: إن ناسًا الخ (برجل) من الصحابة أي يريد ذكره تعريضًا لا صريحًا، وقد عرفت أنَّه ابن عباس، وصرح به النووي، قال ابن الهمام: لا تردد في أن ابن عباس هو الرجل المعرض به، وكان رضي الله عنه قد كف بصره فلذا قال ابن الزبير كما أعمى أبصارهم وهذا إنما كان في خلافة ابن الزبير وذلك بعد وفاة علي رضي الله عنه فقد ثبت أنَّه مستمر القول على جواز المتعة ولم يرجع إلى قول علي، فالأولى أن يحكم أنَّه رجع بعد ذلك اهـ أي إن صح الرجوع عنه، قال الأبي: وفيه إنكار أحد الخصمين إذا كان ذا إمرة على مناظره بمثل هذا الكلام لأن هذا كان في خلافة ابن الزبير اهـ (فناداه) أي فنادى ذلك الرجل المعرِّض به لابن الزبير ردًّا عليه كلامه (فقال) في ندائه وقد عرفت أنَّه ابن عباس (أنك) يا ابن الزبير أي فنادى ابن عباس لابن الزبير فقال له: إنك يا ابن الزبير (لجلف جاف) الجلف بكسر الجيم هو الجافي، وإنما جمع بينهما مع ترادفهما تأكيدًا ومبالغة في إفادة المراد، والجافي هو الغليظ الطبع القليل

<<  <  ج: ص:  >  >>