جائزة في أول الإسلام لمن اضطر إليها كما أن أكل الميتة والدم ولحم الخنزير جائز للمضطر إليها فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يكن أباحها لهم وهم في بيوتهم وأوطانهم، وإنما أباحها لهم في أوقات بحسب الضرورات حتَّى حرمها عليهم في آخر الأمر تحريم تأبيد كما قال (ثم) بعدما كانت رخصة في أول الإسلام (أحكم الله) سبحانه وتعالى (الدين) الإسلامي أي أتقن أحكامه وأثبته بلا ترخيص فيها (ونهى عنها) أي عن المتعة نهيًا مؤبدًا لا ترخيص فيه، وقول ابن أبي عمرة هو الحق الصريح كما شهدت له الأحاديث الصحيحة المتقدمة، وأما ما روي أنهم كانوا يستمتعون على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر حتَّى نهى عنها عمر فمحمول على أن الَّذي استمتع لم يكن بلغه النسخ ونهي عمر كان لإظهار ذاك لشيوعها في عهده ممن لم يبلغه النهي. وشارك المؤلف في رواية هذه القصة أعني قصة ابن أبي عمرة عن ابن عباس أبو داود [٣٠٧٢]، والنسائي [٦/ ١٢٦].
(قال ابن شهاب) بالسند السابق فاخبرني ابن أبي عمرة ما تقدم (وأخبرني) أيضًا (ربيع بن سبرة الجهني) فهو معطوف على قوله: فأخبرني ابن أبي عمرة، وهذا هو المقصود بالمتابعة في هذا السند وما قبله توطئة له (أن أباه) سبرة بن معبد الجهني المدني رضي الله عنه (قال: قد كنت استمتعت) أي تمتعت أنا وصاحب لي إلى مدة (في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي في زمن حياته (امرأة من بني عامر ببُرْدين أحمرين) أي طلبنا منها الاستمتاع بعوض هو بُردان أحمران أحدهما لي والآخر لصاحبي أي طلبنا منها الاستمتاع على سبيل التعاقب والتناوب لا على سبيل الاجتماع ببُردين نعطيها إياهما في مقابلة الاستمتاع (ثم) بعد ما استمتعنا بها ثلاث ليال (نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المتعة) أي عن نكاح المتعة (قال ابن شهاب) بالسند السابق: (وسمعت ربيع بن سبرة يحدّث ذلك) الحديث أمير المؤمنين (عمر بن عبد العزيز) بن مروان