وفي قوله (سلوني) أمر العالِم الناسَ أن يسألوه عما يحتاجون إليه وأنهم إن لم يحققوا السؤال ابتدءوا بالتعليم كما فعل جبريل - عليه السلام - (فـ) ـلما رأوا غضبه صلى الله عليه وسلم (هابوه) أي خافوا النبي صلى الله عليه وسلم وجملة أن المصدرية في قوله (أن يسألوه) مع ما في حيزها في تأويل مصدر منصوب على البدلية من ضمير النصب في هابوه بدل اشتمال أي هابوا سؤال النبي صلى الله عليه وسلم عما يحتاجون إليه في دينهم خوفًا من غضب الله تعالى لغضبه صلى الله عليه وسلم (فجاء) في ذلك الوقت (رجل) لا يعرفونه (فجلس) أي قعد الرجل واضعًا ركبتيه (عند ركبتيه) صلى الله عليه وسلم على صورة المتعلم المتأدب (فقال) ذلك الرجل (يا رسول الله) وهذا النداء لا يعارض نداءه في حديث عمر بقوله يا محمد لأن حديث عمر نقل باللفظ وهذا نقل بالمعنى وفي هذا تعليم لهم لأدب الجلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث جلس على ركبتيه وأدب النداء لرسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال يا رسول الله (ما) حقيقة (الإسلام) وماهيته وأجزاؤه التي يتركب منها.
(قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم مجيبًا لسؤاله: الإسلام هو (لا تشرك بالله) أي عدم إشراكك بالله سبحانه وتعالى (شيئًا) من المخلوقات فهو مفعول به لتشرك ويصح كونه مفعولًا مطلقًا أي لا تشرك بالله شيئًا من الإشراك أي شركًا جليًّا ولا خفيًّا والأول أولى لأن المقام مقام الانقياد الظاهري لا مقام الإحسان، وفي نسخة الأبي (قال أن لا تشرك بالله) بزيادة أن المصدرية (وتقيم الصلاة) أي وتؤدي الصلاة المكتوبة في أوقاتها المحدودة بأركانها وآدابها وشرائطها المخصوصة (وتؤتي الزكاة) أي: وتعطي الزكاة المفروضة وتصرفها في مصارفها المذكورة في الكتاب العزيز (وتصوم) نهار شهر (رمضان) وتمسك نفسك عن تناول المفطرات بنية مخصوصة مبيتة، وهذا صريح في الرد على من يقول لا يقال رمضان إلا بإضافة شهر إليه لأنه من أسمائه تعالى كما مر بسط الكلام فيه ولم يذكر الحج لأنه لم يفرض وقتئذ (قال) الرجل
السائل (صدقت) يا رسول الله فيما أخبرتني في بيان ماهية الإسلام.