ثم (قال) الرجل السائل ثانيًا (يا رسول الله) صلى الله عليه وسلم (ما) حقيقة (الإيمان) وما ماهيته (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم مجيبًا له الإيمان (أن تؤمن) وتصدق (بـ) ـوحدانية (الله) سبحانه وتعالى في ذاته وصفاته وأفعاله (و) بوجود (ملائكته) الكرام الذين لا يعلم عددهم إلا الله سبحانه وتعالى (و) بإنزال جنس (كتابه) على بعض رسله المرسلين إلى المكلفين بالتكاليف الشرعية والنظام الإلهية (و) بوجوب (لقائه) سبحانه وتعالى بالموت وعرضه عليه للمجازاة (و) بإرسال (رسله) الذين أرسلهم إلى المكلفين بالتكاليف الإلهية (وتؤمن) أي تصدق (بـ) ـوجوب (البعث) والإحياء والحشر من القبور إلى أرض المحشر للعرض على رب العالمين، وأعاد العامل والجار والمجرور هنا وفيما بعده للاهتمام بهما لكثرة من ينكرهما جهلًا أو تعنتًا (وتؤمن) أي تصدق (بـ) وجوب (القدر) والعلم الأزلي بمقادير الأشياء لله سبحانه وتعالى، وقوله (خيره) أي خير ذلك المقدر ونفعه للعباد كالإيمان والطاعات (وشره) أي شر ذلك المقدر وضرره على العباد كالكفر والمعاصي بدل من القدر بدل تفصيل من مجمل وفيه رد على من يقول الخير من الله تعالى والشر من العباد، وفي نسخة الأبي (وتؤمن بالقدر كله خيره وشره) بزيادة كله، وفي نسخة النووي (وتؤمن بالقدر كله) بحذف خيره وشره (قال) الرجل السائل (صدقت) يا رسول الله فيما أخبرتني في بيان حقيقة الإيمان.
ثم (قال) الرجل السائل ثالثًا (يا رسول الله ما) حقيقة (الإحسان) وماهيته (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم الإحسان (أن تخشى الله) سبحانه وتعالى وتخافه (كأنك تراه) وتشاهده سبحانه وتعالى بعينيك وبصرك (فإنك إن لا تكن تراه) أي إن لم تكن تراه سبحانه وتعالى (فإنه) سبحانه (يراك) أي يرى ذاتك وعملك ويعلم ظواهرك وبواطنك فلا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء (قال) الرجل (صدقت) يا رسول الله في بيان معنى الإحسان.