(قال) الرجل السائل رابعًا (يا رسول الله متى تقوم الساعة) أي أيَّ وقت تقوم القيامة (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما المسؤول عنها) أي ليس الذي سُئل عن وقت قيامها يريد نفسه الشريفة (بأعلم) بها (من السائل) يريد جبريل - عليه السلام - أي أنا وأنت وغيرنا سواء في عدم علم وقت مجيئها لأنها من المغيبات التي استأثر الله بعلمها قال الرجل السائل (و) لكن حدثني عن أشراطها فقال له النبي صلى الله عليه وسلم (سأحدثك) أي أُحدثك وأخبرك في الزمن القريب (عن أشراطها) أي عن أشراط الساعة وأماراتها التي تدل على قربها وهي كثيرة فمنها أنك (إذا رأيت المرأة) حرة كانت أو أمة (تلد) وتضع (ربها) وسيدها (فذاك) أي وضعها وولادها ربها وسيدها (من أشراطها) أي من أشراط الساعة وأمارات قربها وهذا كناية عن كثرة السراري بالنسبة إلى الأمة وكثرة العقوق بالنظر إلى الحرة (و) منها أنك (إذا رأيت الحفاة) من النعال (العراة) من اللباس لعالتهم وفقرهم (الصم) جمع أصم وهو الذي لا يسمع بأذنه (البكم) جمع أبكم وهو الذي لا ينطق بلسانه وهو كناية عن قلة عقلهم وعدم فصاحتهم أي وإذا رأيت الفقراء الجهلة كانوا (ملوك) أهل (الأرض) ورؤساءهم وسادتهم وقادتهم (فداك) أي كون هؤلاء المذكورين سادة أهل الأرض ورؤساءهم (من أشراطها) أي من أشراط الساعة وأمارات قربها، قال القاضي عياض: أي وإذا صار الجهلة ملوكًا، وقيل المعنى وإذا صار الملوك صمًّا بكمًا عن الخير لشغلهم بالدنيا وما ذكرناه أولًا أولى إذ ليس في الحديث ما يدل على أن هذه صفتهم وهم ملوك وإنما يعني إذا صار ملكًا من هذه صفته اهـ.
قال الأبي: فشرط الساعة وأماراتها على الأول أن يملك من فقد منه شرط الإمامة وعلى الثاني فساد حال من ملك وجعلوا صمًّا بكمًا لأنهم لما لم ينتفعوا بتلك الجوارح فكأنهم لم تخلق لهم، وقال النووي: المراد بهم الجهلة السفلة الرعاء كما قال سبحانه {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ} أي لما لم ينتفعوا بجوارحهم هذه فكأنهم عدموها هذا هو الصحيح في معنى الحديث اهـ
(و) منها أنك (إذا رأيت رعاء البهم) أي رعاة الغنم والبهم بفتح الباء وسكون الهاء هي صغار الغنم قيل من المعز والضأن جميعًا وقيل من الضأن خاصة وقيل من المعز