يعارض هذا قوله في حديث حماد بن زيد لا حاجة لي لجواز أن تتجدد الرغبة فيها بعد أن لم تكن، وفيه أن الصحابي لو فهم أن للنبي صلى الله عليه وسلم فيها رغبة لم يطلبها فكذلك من فهم أن له رغبة في تزويج امرأة لا يصلح لغيره أن يزاحمه فيها حتى يظهر عدم رغبته فيها إما بالتصريح أو ما في حكمه (فزوجنيها) فيه أن الفقير يجوز له نكاح من علمت بحاله ورضيت به إذا كان واجدًا للمهر وكان عاجزًا عن غيره من الحقوق لأن المراجعة وقعت في وجدان المهر وفقده لا في قدر زائد قاله الباجي، وتعقب باحتمال أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم اطلع من حال الرجل على أنه يقدر على اكتساب قوته وقوت امرأته ولا سيما مع ما كان عليه أهل ذلك العصر من قلة المال والقناعة باليسير (فقال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فهل عندك من شيء) تمهرها، زاد في رواية مالك تصدقها، وفي حديث ابن مسعود: ألك مال؟ قال الحافظ: وفيه أن النكاح لا بد فيه من الصداق لقوله: هل عندك من شيء تصدقها؟ وقد أجمعوا على أنه لا يجوز لأحد أن يطأ فرجًا وهب له دون الرقبة بغير صداق، وفيه أن الأولى أن يذكر الصداق في العقد لأنه أقطع للنزاع وأنفع للمرأة فلو عقد بغير ذكر صداق صح، ووجب لها مهر المثل بالدخول على الصحيح، وقيل بالعقد ووجه كونه أنفع لها أنه يثبت لها نصف المسمى أن لو طلقت قبل الدخول، وفيه استحباب تعجيل تسليم المهر اهـ.
(فقال) الرجل: (لا) زاد في رواية هشام بن سعد قال: لا بد لها من شيء، وفي رواية الثوري عند الإسماعيلي: عندك شيء؟ قال: لا، قال: إنه لا يصلح. ووقع في حديث أبي هريرة عند النسائي بعد قوله لا حاجة لي ولكن تملكيني أمرك؟ قالت: نعم، فنظر في وجوه القوم فدعا رجلًا فقال: إني أريد أن أزوجك هذا إن رضيت! فقالت: ما رضيت لي فقد رضيت، وهذا إن كانت القصة متحدة يحتمل أن يكون وقع نظره في وجوه القوم بعد أن سأله الرجل أن يزوجها له فاسترضاها أولًا ثم تكلم معه في الصداق، وإن كانت القصة متعددة فلا إشكال. أي فقال الرجل: ما عندي شيء (والله يا رسول الله) وفي هذا جواز الحلف بغير الاستحلاف للتأكيد لكنه يكره بغير ضرورة قاله الحافظ (فقال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اذهب إلى أهلك) أي إلى أزواجك، ووقع في حديث أبي هريرة قال: قم إلى النساء، فقام إليهن فلم يجد عندهن شيئًا؛ والمراد