العرب قد تنفي جملة الشيء إذا انتفى كماله؛ والمعنى لو شققته بينكما نصفين لم يحصل كمال سترك بالنصف إذا لبسته ولا هي، وفي رواية معمر عند الطبراني والله ما وجدت شيئًا غير ثوبي هذا أشققه بيني وبينها، قال: ما في ثوبك فضل عنك، وفيه نظر الإمام في مصالح رعيته وإرشاده إلى ما يصلحهم اهـ. (فجلس الرجل حتى إذا طال مجلسه) أي جلوسه (قام) ليذهب (فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم) حالة كونه (موليًا) أي مدبرًا ظهره إليهم (فأمر به) رسول الله صلى الله عليه وسلم من عنده بدعائه (فدُعي) الرجل (فلما) رجع و (جاء) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ماذا) أي ما الذي (معك) أو أي شيء معك (من القرآن) يحتمل أن يكون هذا بعد قوله كما في رواية مالك: "هل معك من القرآن شيء؟ " فاستفهمه حينئذٍ عن كميته ووقع الأمران في رواية معمر قال: "فهل تقرأ من القرآن شيئًا؟ " قال: نعم، قال: "ماذا؟ " قال: سورة كذا. وعُرف بهذا المراد بالمعية وأن معناها الحفظ عن ظهر قلبه كما سيأتي التصريح به إن شاء الله تعالى (قال) الرجل (معي سورة كذا وسورة كذا) حالة كونه (عدّدها) أي ذكر عدد السور التي عنده، وهو مدرج من كلام الراوي، وفي فتح الملهم: السورتان البقرة والمفصل، وقيل: إنا أعطيناك الكوثر، وفي حديث أبي أمامة زوّج النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا من أصحابه امرأة على سورة المفصل جعلها مهرها وأدخلها عليه، وقال: "علّمها". وفي حديث أبي هريرة: "فعلّمها عشرين آية" وهي امرأتك (فقال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أ (تقرؤهن) بتقدير همزة الاستفهام أي هل تقرأ السور التي عدّدتها (عن ظهر قلبك؟ قال) الرجل: (نعم) أقرؤهن عن ظهر قلبي فـ (قال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أذهب) بها (فقد مُلّكتها) بضم الميم وكسر اللام المشددة على صيغة المبني للمجهول، والفاعل هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال النواوي: هكذا هو في معظم النسخ، وفي بعضها:(ملكتكها) بكافين وتاء المتكلم وكذا رواه البخاري، وفي رواية أخرى زوجتكها اهـ، قال الحافظ: واستدل به على