للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَال رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لِزَيدِ: "فَاذْكُرْهَا عَلَيَّ" قَال: فَانْطَلَقَ زَيدٌ حَتَّى أَتَاهَا وَهِيَ تُخَمِّرُ عَجِينَهَا. قَال: فَلَمَّا رَأَيتُهَا عَظُمَت في صَدْرِي. حَتَّى مَا أَسْتَطيعُ أَنْ أَنْظرَ إِلَيهَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَهَا. فَوَلَّيتُها ظَهْرِي وَنَكَصْتُ عَلَى عَقِبي

ــ

وسلم فقال له: أمسك عليك زوجك واتق الله فنزلت {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ} أي علمك بالوحي أنَّه سيطلقها وأنك تتزوجها، كما قاله علي بن الحسين والزهري وغيرهما وعليه أهل التحقيق ثم طلقها زيد لكراهته لها لتعاظمها عليه بشرفها لا لرغبة المصطفى في نكاحها كما زعمه من وهم، فلما انقضت عدتها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيد ما هو مذكور في حديث الباب وهو قوله: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيد) بن حارثة إظهارًا لمزيد حبه له وقوة إيمانه حيث اطمأنت نفسه إلى خطبة من فارقها له صلى الله عليه وسلم قال البيضاوي وذلك ابتلاء عظيم وشاهد بيّن على قوة إيمانه، قال القرطبي: وهذا امتحان لزيد وابتلاء له حتَّى يظهر صبره وانقياده وطوعه اهـ مفهم (فأذكرها عليّ) أي فاخطبها لي من نفسها، فيه دليل على أنَّه لا بأس أن يبعث الرجل لخطبة المرأة له من كان زوجها أولًا إذا علم أنَّه لا يكره ذلك كما كان حال زيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ويُروى أنَّه قال له: ما أجد في نفسي أوثق منك فاخطب زينب عليّ (قال) أنس: (فانطلق زيد) أي ذهب إليها (حتَّى أتاها) وجاءها (وهي) أي والحال أن زينب (تخمر عجينها) أي تجعل الخمير في عجينها، والخمير شيء يُخلط به ليعجل صلاحه للخبز، قال المجد: وتخمير العجين تركه ليجود اهـ (قال) زيد: (فلما رأيتها عظمت في صدري) أي صارت عظيمة مهابة في قلبي، قال النووي: معناه أنَّه هابها واستجلها من أجل إرادة النبي صلى الله عليه وسلم تزوَّجها فعاملها معاملة من تزوجها صلى الله عليه وسلم في الإعظام والإجلال والمهابة (حتَّى ما أستطيع) ولا أقدر (أن انظر إليها) لأجل (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كرها) أي ذكر خطبتها وتزوّجها، وأنّ بفتح الهمزة لوقوعها في موضع التعليل كما قدرناه في الحل، قال عياض: يعني أنها عظمت في عينه من أجل إرادة رسول الله صلى الله عليه وسلم زواجها فعاملها معاملة من تزوجها (فوليتها ظهري) أي جعلت ظهري إلى جهتها (ونكصت) أي رجعت (على عقبي) أي ورائي وكان جاء إليها ليخطبها وهو ينظر إليها على ما كان من

<<  <  ج: ص:  >  >>