عادتهم وهذا كان قبل نزول الحجاب فلما غلب عليه الإجلال تأخر عنها وخطبها وظهره إليه لئلا يسبقه النظر إليها، وقال القرطبي: توليته إياه ظهره مع أن الحجاب لم يكن نزل صيانة لقلبه من التعلق بها اهـ فهذا من مزيد ورعه رضي الله عنه.
(فقلت) لها: (يا زينب أرسلـ) ـني (رسول الله صلى الله عليه وسلم) إليك، حالة كونه (يذكرك) أي يخطبك لنفسه ويريد زواجك (قالت) زينب: (ما أنا بصانعة شيئًا) بفاعلة شيئًا من الإجابة والرد (حتَّى أُوامر ربي) أي حتَّى أستخيره تعالى أي حتَّى أصلي صلاة الاستخارة وأطلب من ربي أن يُريني في منامي ما هو خير لي من الإجابة والرد، وهو بضم الهمزة وفتح الواو أو بهمزتين مضارع أمر الرباعي.
قال القرطبي: قوله: (ونكصت على عقبي) أي رجعت خلفي وقهقرت إليها حتَّى سمعت حديثها، فلما أخبرها، قالت:(حتَّى أوامر ربي) أي حتَّى أستخيره وأنظر أمره على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما وكلت أمرها إلى الله وصح تفويضها إليه تعالى تولى الله تعالى إنكاحها منه صلى الله عليه وسلم ولم يحوجها إلى ولي يتولى عقد نكاحها فلذلك قال تعالى: {فَلَمَّا قَضَى زَيدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} ولما أعلمه الله تعالى بذلك دخل عليها بغير ولي ولا تجديد عقد ولا تقرير صداق ولا شيء مما يكون شرطًا في حقوقنا ومشروعًا لنا وهذا من خصوصياته صلى الله عليه وسلم اللاتي لا يشاركه فيها أحد بإجماع المسلمين اهـ من المفهم.
(فقامت) زينب (إلى مسجدها) أي إلى موضع صلاتها من بيتها، وفيه استحباب صلاة الاستخارة لمن همَّ بأمر سواء كان ذلك الأمر ظاهر الخير أم لا، وهو موافق لحديث جابر في صحيح البخاري قال: بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلّمنا الاستخارة في الأمور كلها، يقول:"إذا همَّ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة" إلى آخره ولعلها استخارت لخوفها من تقصير في حقه صلى الله عليه وسلم (ونزل القرآن) يعني قوله تعالى: {فَلَمَّا قَضَى زَيدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} أي جعلناها لك زوجة بلا واسطة عقد على الصواب الَّذي لا يجوز غيره فإنها كانت تفخر بأن الله هو الَّذي زوَّجها، وقول ابن إسحاق: زوَّجها أخوها أبو أحمد يمكن تأويله بأنه لما رآه أتى