معجزة تكثير الطعام القليل، وفيها نزل الحجاب على ما أشبه بسياق الأحاديث. قال أنس:(وقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أنس هات) بكسر التاء، فعل أمر على الأصح مبني على حذف حرف العلة وهي الياء نظير ارم، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنت في قولك: هات يا زيد درهمًا إلَّا إذا اتصل به ألف اثنين أو واو الجماعة أو ياء المؤنثة المخاطبة فحينئذٍ يكون مبنيًّا على حذف النون كقوله تعالى: (هَاتُوْ بُرْهَانَكُمْ} وقيل: اسم فعل أمر بمعنى ناولني مبني على الكسر لشبهه بالحرف شبهًا استعماليًا، وإنما حرك فرارًا من التقاء الساكنين، والمعنى هنا ناولني يا أنس (التور) أي أعطني الإناء المشتمل على الحيس وادع لي فلانًا وفلانًا ومن لقيت من المسلمين ليأكلوه (قال) أنس: فدعوتهم (فدخلوا) بيت زينب رضي الله تعالى عنها (حتَّى امتلأت الصُفّة والحجرة) من بيتها، والصُفّة السقيفة أمام الدار أي المظلة، ومنه صفة المسجد النبوي، والحجرة الدار التي كانت سكناها، وسميت حجرة لأنها محجورة أي محاط بها، وقيل الصُفة ما ارتفع من الدار، والحجرة بمعنى الصحن وهو ما انخفض منها كما قال بعضهم:
والصفة ما ارتفع من الدار ... والصحن ما انخفض عن الأحرار
(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليتحلق عشرة عشرة) أي ليكن كل عشرة منهم حلقة واحدة؛ أي ليجلسوا حلقًا حلقًا، والحلق بفتحتين ويقرأ بكسر الحاء وفتح اللام جمع حلقة وهي الجماعة من الناس مستديرون كحلقة الباب، والتحلُّق تفعّل منها وهو أن يتعمدوا ذلك، فيه من آداب الأكل أن أكثر ما يدور على القصعة عشرة والأكل مما يليه إذا كان الطعام نوعًا واحدًا كما ذكره بقوله:(وليأكلل كل إنسان مما يليه) وفي تفسير ابن كثير وليسموا وليأكل كل إنسان مما يليه فجعلوا يسمون ويأكلون اهـ (قال) أنس: (فأكلوا حتَّى شبعوا قال) أنس: (فخرجت طائفة) أكلت (ودخلت طائفة) لم تأكل أي فتخرج طائفة أكلت وتدخل طائفة لم تأكل (حتَّى أكلوا كلهم فقال لي) رسول الله