وخرج فخرجوا بخروجه إلَّا الثلاثة الذين لم يفطنوا لذلك لشدة شغل بالهم بما كانوا فيه من الحديث، وفي غضون ذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يريد أن يقوموا من غير مواجهتهم بالأمر بالخروج لشدة حيائه فيطيل الغيبة عنهم بالتشاغل بالسلام على نسائه وهم في شغل بالهم وكان أحدهم في أثناء ذلك أفاق من غفلته فخرج وبقي الاثنان، فلما طال ذلك ووصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى منزله فرًاهما فرجع فرأياه لما رجع فحينئذٍ فطنا فخرجا فدخل النبي صلى الله عليه وسلم وأُنزلت الآية فارخى الستر بينه وبين خادمه ولم يكن له عهد بذلك اهـ كما ذكره بقوله فابتدروا الباب (فخرجوا كلهم وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتَّى أرخى) أي فأرخى (الستر) وسدله، وحتى بمعنى الفاء العاطفة (ودخل) عند أهله (وأنا جالس في) صُفة (الحجرة فلم يلبث) أي لم يمكث رسول الله صلى الله عليه وسلم داخل الحجاب (إلا) زمنًا (يسيرًا) أي قليلًا (حتَّى خرج) وحتى بمعنى الفاء أيضًا، أي فخرج (عليّ) رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا في الصُفّة (و) قد (أُنزلت) عليه (هذه الآيات) بلفظ الجمع كما في نسخة الأبي ويدل عليه مابعده، وقوله:(فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم) تأكيد لما قبله وتوطئة لما بعده أي فخرج من الحجاب (وقرأهن على الناس) أي قرأ تلك الآيات التي أُنزلت وقتئذٍ في الحجاب على الناس الحاضرين، والآيات هي قوله تعالى:({يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إلا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ}) أي ولا تمكثوا مستأنسين لحديث من بعضكم لبعض اهـ جلالين، نُهوا عن أن يطيلوا الجلوس يستأنس بعضهم ببعض لأجل حديث يحدّثه به ({إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ}) وقوله: (إلى آخر الآيات) متعلق بقرأهن، وقوله: