للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قال العلماء: قوله تعالى: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} أي موضع الزرع من المرأة وهو قُبلها الذي يُزرع فيه المني لابتغاء الولد ففيه إباحة وطئها في قُبلها إن شاء من بين يديها وإن شاء من ورائها وإن شاء مكبوبة، وأما الدبر فليس هو بحرث ولا موضع زرع، ومعنى قوله تعالى: {أَنَّى شِئْتُمْ} كيف شئتم، واتفق العلماء على تحريم وطء المرأة في دبرها حائضًا كانت أو طاهرًا اهـ نووي.

قال القرطبي: حديث جابر هذا نص على أن هذه الآية نزلت بسبب قول اليهود المذكور فيه، وفي كتاب أبي داود عن ابن عباس أنها نزلت بسبب أن رجلًا من المهاجرين تزوج أنصارية فأراد أن يطأها شرحًا (يقال شرح فلان زوجته إذا وطئها مستلقية على قفاها) على عادتهم في وطء نسائهم فأبت إلا على جنب على عادتهن فاختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} أي مقبلات ومدبرات ومستلقيات يعني بذلك موضع الولد (قلت): هذان سببان مختلفان لا بُعد في نزول الآية جوابًا للفريقين في وقت واحد وتكرر نزول الآية في وقتين مختلفين كما قد رُوي عن غير واحد من النقلة في الفاتحة أنها تكرر نزولها بمكة والمدينة وقد تمسك طائفة بعموم لفظ (أنى شئتم) ورأوا أنها متناولة لقُبل المرأة ودبرها وأجازوا وطء المرأة في دبرها وممن نُسب إليه هذا القول سعيد بن المسيب ونافع وابن الماجشون من أصحابنا، وحُكي عن مالك في كتاب السر ونُسب الكتاب إلى مالك وحذاق أصحابه ومشايخهم ينكرونه، وقد حكى العتبي إباحة ذلك عن مالك وأظنه من ذلك الكتاب المنكر نُقل، وقد تواردت روايات أصحاب مالك عنه بإنكار ذلك القول وتكذيبه لمن نقل عنه ذلك، وقد حكينا نص ما نقل عن مالك من ذلك في جزء كتبناه في هذه المسألة سميناه إظهار إدبار من أجاز الوطء في الأدبار، وذكرنا فيه غاية أدلة الفريقين ومتمسكاتهم من الكتاب والسنة على طريقة التحقيق والتحرير والنقل والتحبير ومن وقف على ذلك قضى منه العجب العجاب، وعلم أنه لم يكتب مثله في هذا الباب، وجمهور السلف والعلماء وأئمة الفتوى على تحريم ذلك ثم نقول لا مستمسك للمبيحين في الآية لأوجه متعددة أقربها ثلاثة أمور أحدها أنها نزلت جوابًا لما ذكر فيُقتصر على نوع ما نزلت جوابًا له فإنهم سألوا عن جواز الوطء في الفرج من جهات متعددة فأُجيبوا بجوازه، و (أنى) على عمومها في جهات المسلك الواحد لا في المسالك، وثانيها أن قوله تعالى:

<<  <  ج: ص:  >  >>