{فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} تعيين للقُبل فإنه موضع الحرث فإن الحرث إنما يكون في موضع البذر، وكذلك قال مالك لابن وهب وعلي بن زياد لما أخبره أن أناسًا بمصر يتحدثون عنه أنه يجيز ذلك فنفر من ذلك وبادر إلى تكذيب الناقل فقال: كذبوا علي كذبوا علي كذبوا على ثم قال: ألستم قوما عربًا ألم يقل الله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} وهل يكون الحرث إلا في موضع المنبت، وثالثها: أنه لو سلم أن {أَنَّى} شاملة للمسالك بحكم عمومها فهي مخصصة بأحاديث صحيحة ومشهورة رواها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنا عشر صحابيًا بمتون مختلفة كلها متواردة على تحريم وطء النساء في الأدبار ذكرها أحمد بن حنبل في مسنده وأبو داود والترمذي والنسائي، وقد جمعها أبو الفرج ابن الجوزي بطرقها في جزء سماه (تحريم المحل المكروه) ومن أراد في هذه المسألة زيادة على ما ذكرناه فليطالع الجزء المذكور الذي ألفناه اهـ من المفهم.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب من الأحاديث ثلاثة، الأول: حديث عائشة ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه ست متابعات، والثاني: حديث ابن عباس ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والثالث: حديث جابر بن عبد الله ذكره للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة وذكر فيه متابعتين والله سبحانه وتعالى أعلم.