نَحْوَ حَدِيثِ مَالِكٍ، غَيرَ أَنَّهُ قَال: فَقَال رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "افْلَحَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ" أَوْ: "دَخَلَ الْجَنةَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ"
ــ
المتابع بكسر الباء المحذوف وكذا قوله (نحو حديث مالك) منصوب بذلك العامل المحذوف والتقدير حدثنا إسماعيل بن جعفر عن أبي سهيل بهذا الحديث نحو حديث مالك عن أبي سهيل، وغرض المؤلف بسوق هذا السند بيان متابعة إسماعيل بن جعفر لمالك في رواية هذا الحديث عن أبي سهيل وقد تقدم لك في الفوائد أن النحو عبارة عن الحديث اللاحق الموافق للسابق في بعض ألفاظه ومعناه ولكن النحو هنا بمعنى المثل لأن الحديثين متماثلان بدليل الاستثناء المذكور بقوله (غير أنه) أي لكن أن إسماعيل بن جعفر (قال) في روايته (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفلح) الرجل وظفر بالمطلوب (وأبيه) أي أقسمت بأبيه (إن صدق) الرجل فيما قال بزيادة (وأبيه)(أو) قال أبو سهيل (دخل) الرجل (الجنة وأبيه إن صدق) فيما قال بإبدال أفلح بدخل والشك من إسماعيل بن جعفر أو من غيره، فيما سمعه من أبي سهيل ولو قال بدل ما هنا (مثل حديث مالك) لكان أوضح وأوفق باصطلاحاته التي بيناها في الفوائد السابقة.
وعبارة المفهم هنا (قوله أفلح وأبيه إن صدق أو دخل الجنة وأبيه إن صدق) شك من بعض الرواة في هذا الطريق، وقد جاء طريق آخر بالجزم على أحدهما كما تقدم ثم معنى اللفظين واحد لأن دخول الجنة تفسير للفلاح، فلا يضر الشك، وإنما ذكره الراوي متحريًا انتهى.
قوله (وأبيه) قال القاضي عياض لعل هذا قبل النهي عن الحلف بغير الله تعالى أو لم يقصد الحلف به كعادة العرب في إجراء هذا في كلامهم لا يريدون به الحلف وإنما اليمين ما قصد، وهذا هو الجواب المرضي قاله النواوي، قال الأبي: وقيل النهي عن الحلف بالآباء إنما هو لخوف تعظيم غير الله تعالى، والنبي صلى الله عليه وسلم لا يتوهم فيه ذلك، والمراد بالنهي الوارد هو قوله صلى الله عليه وسلم "لا تحلفوا بآبائكم من كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت" رواه البخاري (٦٦٤٦) ومسلم (١٦٤٦) من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما.
قال النواوي وفي هذا الحديث من الفوائد بيان أن الصلاة التي هي ركن من أركان الإسلام التي أطلقت في سائر الحديث هي الصلوات الخمس وبيان أنها في كل يوم وليلة