المبارق والمرقاة، قال القرطبي: قوله: (لقد هممت أن ألعنه لعنًا يدخل معه قبره) هذا وعيد شديد على وطء الحُبالى حتى يضعن حملهن وهو دليل على تحريم ذلك مطلقًا سواء كان الحمل من وطء صحيح أو فاسد أو زنى فإنه صلى الله عليه وسلم لم يستفصل عن سبب الحمل ولا ذكر أنه يختلف حكمه وهذا موضع لا يصح فيه تأخير البيان، وإلى الأخذ بظاهر هذا ذهب جماهير العلماء غير أن القاضي عياضًا قال في المرأة تزني فتحمل ويتبين حملها أن أشهب أجاز لزوجها وطأها، قال: وكرهه مالك وغيره من أصحابه قال: فاتفقوا على كراهته ومنعه من وطئها في ماء الزنا ما لم يتبين الحمل، وهذا الذي حكاه أشهب يرده هذا الحديث وكراهة مالك لذلك بمعنى التحريم والله تعالى أعلم. وقوله: كيف يورثه وهو لا يحل له وكيف يستخدمه وهو لا يحل له، وهذا تنبيه منه صلى الله عليه وسلم على أن واطئ الحامل له مشاركة في الولد، وبيانه أن ماء الوطء يُنمي الولد ويزيد في أجزائه وينعمه فتحصل مشاركة هذا الواطئ للأب، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسق ماءه زرع غيره" رواه أحمد وأبو داود والدارمي، فإذا وطئ الأمة الحامل لم يصح أن يحكم لولدها بأنه ابن لهذا الواطئ لأنه من ماء غيره نشأ، وعلى هذا لا يحل له أن يرثه ولا يصح أيضًا أن يحكم لذلك الولد بأنه عبد للواطئ لما حصل في الولد من أجزاء مائه فلا يحل له أن يستخدمه استخدام العبيد إذ ليس له بعبد لما خالطه من أجزاء الحر، وفيه من الفقه ما يتبين به استحالة اجتماع أحكام الحرية والرق في شخص واحد، وفيه أن السباء يهدم النكاح وهو مشهور مذهبنا سواء سبيا مجتمعين أو متفرقين اهـ من المفهم.
وانفرد الإمام مسلم رحمه الله تعالى بهذا الحديث لكنه شاركه أحمد [٦/ ٤٤٦].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة فيه فقال:
٣٤٤٣ - (٠٠)(٠٠)(وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا يزيد بن هارون) بن زاذان السلمي الواسطي، ثقة، من (٩) روى عنه في (١٩) بابا (ح وحدثنا محمد بن بشار) العبدي البصري (حدثنا أبو داود) الطيالسي سليمان بن داود بن الجارود البصري (جميعًا) أي كل من يزيد وأبي داود رويا (عن شعبة في هذا الإسناد) أي بهذا الإسناد