المنذر: قد أجمع كل من ذكرناه وكل من لم نذكره من علماء الأمصار على خلاف قول داود، وقد احتج بعضهم على عدم اشتراط الحجر بقول النبي صلى الله عليه وسلم:"لا تعرضن عليّ بناتكن ولا أخواتكن" ولم يقل اللاتي في حجري على العموم اهـ من المفهم، قوله:(إنها ابنة أخي من الرضاعة) هذا حجة على أن لبن الفحل يحرم كما تقدم، وفيه تنبيه على جواز تعليل الحكم بعلتين فإنه علل تحريمها بأنها ربيبة وابنة أخ، وقد اختلف الأصوليون في ذلك، والصحيح جوازه لهذا الحديث وغيره اهـ منه، قوله:(أرضعتني وأباها ثويبة) بضم الثاء المثلثة وفتح الواو وبياء التصغير لأنها تصغير ثوبة وهي المرة الواحدة من ثاب إذا رجع يقال: ثاب يثوب ثوبًا وثوبة، وثويبة هذه جارية لأبي لهب كانت أرضعت النبي صلى الله عليه وسلم وأبا سلمة ولأجل رضاعها للنبي صلى الله عليه وسلم سُقي أبو لهب نطفة من ماء في جهنم وذلك أنه جاء في الصحيح أنه رُئي في المنام فقيل له: ما فعل بك؟ فقال: سُقيت في مثل هذه، وأشار إلى ظُفر إبهامه. رواه البخاري [٥١٠١]، وأخرج ابن سعد أن أول من أرضع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثويبة بلبن ابن لها يقال له: مَسْروح أيامًا قبل أن تقدم حليمة وأرضعت قبله حمزة وبعده أبا سلمة كذا في بذل المجهود [٣ - ٧] واختلف في إسلامها كذا في أسد الغابة، وذكر ملا علي عن السيوطي قول بعضهم لم ترضعه صلى الله عليه وسلم امرأة إلا أسلمت اهـ من بعض الهوامش. قوله:(فلا تعرضن) هو بفتح التاء وسكون العين وكسر الضاد وفتح نون الإناث، وضبطه بعضهم بضم الضاد وتشديد النون وهو خطأ كما لا يخفى، وقال القرطبي: جاء بلفظ الجمع وإن كانت القصة لاثنتين وهما أم حبيبة وأم سلمة ردعًا وزجرًا أن تعود واحدة منهما أو غيرهما إلى مثل ذلك، وكانت لكلتيهما أخوات وبنات، فصّل الحافظ أسماءهن في الفتح [٩/ ١٢٣] ولذلك يحسن من المنكر على المرأة مثلًا المكلمة لرجل واحد أن يقول: أتكلمين الرجال يالكعاء اهـ من المفهم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [٥١٠١]، وأبو داود [٢٠٥٦]، والنسائي [٦/ ٩٦]، وابن ماجه [١٩٣٩].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أم حبيبة رضي الله تعالى عنها فقال: