قَال: نُهِينَا أَنْ نَسْأَلَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ شَيءٍ، فَكَانَ يُعْجِبُنَا أنْ يَجِيءَ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ الْعَاقِلُ
ــ
النجاري وأمه أم سليم بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام أبي حمزة خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم له ألف ومائتا حديث وستة وثمانون حديثًا (١٢٨٦) روى عن معاذ بن جبل ومحمود بن الربيع وعتبان بن مالك وأبي ذر وعبد الله بن مسعود وأبي هريرة وعمر وجماعة من الصحابة، ويروي عنه (ع) وثابت وأبو قلابة والزهري وسليمان التيمي وبنوه موسى والنضر وأبو بكر والحسن البصري وخلق لا يحصون مات سنة (٩٣) اثنتين أو ثلاث وتسعين وقد جاوز المائة وهو آخر من مات بالبصرة من الصحابة رضوان الله تعالى عليهم.
روى عنه المؤلف في الإيمان وفي الوضوء وفي الصلاة وفي الجنائز وعذاب القبر في موضعين وفي الصوم والنكاح والجهاد في موضعين وفي الدلائل وفي الفضائل في ثلاثة مواضع وفي الرؤيا وفي الدعاء في موضعين فجملة الأبواب التي روى المؤلف عنه فيها اثنا عشر بابا تقريبًا، وهذا السند من خماسياته، ورجاله خمسة اثنان منهم بغداديان وثلاثة بصريون.
(قال) أنس رضي الله عنه (نهينا) أي زجرنا ومنعنا معاشر الصحابة بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ}[المائدة: ١٠١](أن نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء) لا ضرورة لنا إليه في الدين فلا يعارض ما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم "سلوني" لأن ذلك في السؤال عما يحتاجون إليه والحاصل أنه يجمع بين الآية والحديث بأن النهي في الآية في السؤال عما لا يحتاجون إليه والأمر في الحديث في السؤال عما يحتاجون إليه (فكان) الشأن (يعجبنا) ويُحبنا ويبشرنا (أن يجيء) ويأتي (الرجل من أهل البادية) أي من سكان البادية، والبادية ضد الحاضرة والعمران، والبدوي من سكن البادية، والبداوة بكسر الباء وحكي فتحُها الإقامةُ بالبادية (العاقل) صفة للرجل لأنه أعرف بكيفية السؤال وآدابه والمهم منه، وبحسن السؤال والمراجعة إن احتيج إليها فيكثر الانتفاع بالجواب لأن هذه أسباب كثرة الانتفاع بالجواب، قال القاضي عياض واستحبابهم أن يكون بدويًّا لكونه لم يبلغه النهي عن السؤال، أو لأنه أعذر في جفاء الأعراب، ولهذا جاء في الحديث "من بدا جفا" وأن يكون عاقلًا ليسأل عن المحتاج إليه ويجيد السؤال والمراجعة إن احتيج إليها فيكثر النفع اهـ.