القصار: إذا سبّع للثيب سبّع لسائر نسائه آخذًا بظاهر هذا الحديث ولا يدل عنده على سقوط الثلاثة لها وكأنه تمسك بالرواية التي قال لها فيها إن شئت زدتك وحاسبتك.
وكل هذا منه صلى الله عليه وسلم عمل بالعدل بين أزواجه ومراعاة له وهل كان ذلك منه أعني القسم على جهة الوجوب كما هو على غيره بالاتفاق أو هو مندوب إلى ذلك لكنه أخذ نفسه بذلك رغبة في تحصيل الثواب وتطييبًا لقلوبهن وتحسينًا للعشرة معهن على مقتضى خلقه الكريم وليُقتدى به في ذلك؟ قولان لأهل العلم مستند القول بالوجوب التمسك بعموم القاعدة الكلية في وجوب العدل بينهن وبقوله:"اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك" رواه أبو داود والترمذي والنسائي، يعني الحب والبغض ومستند نفيه قوله تعالى:{تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوي إِلَيكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيكَ}[الأحزاب / ٥١] ولم يُختلف في حق غير النبي صلى الله عليه وسلم ممن له زوجات أن العدل عليه واجب لقوله صلى الله عليه وسلم: "من كانت له امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشقه مائل أو ساقط" ولقوله تعالى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَينَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ} اهـ من المفهم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أم سلمة رضي الله عنها فقال:
٣٥٠٢ - (٠٠)(٠٠)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي النيسابوري (قال: قرأت على مالك عن عبد الله بن أبي بكر) بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري المدني أخي محمد بن أبي بكر المذكور في السند السابق، ثقة، من (٥) روى عنه في (١١) بابا (عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن) بن الحارث بن هشام المخزومي المدني، ثقة، من (٥) وهذا السند رباعي مرسل، غرضه بيان متابعة عبد الله بن أبي بكر لمحمد بن أبي بكر. وهذا السند من طريق مالك ليس فيه عن أبيه عن أم سلمة فيكون مرسلًا، ومن ثم استدركه الدارقطني على مسلم ظنًّا منه بأنه على خلاف ما اشترطه في المقدمة من الصحة، وهذا الاستدراك منه فاسد لأن مسلمًا رحمه الله تعالى إنما بيّن اختلاف الرواة في وصله وإرساله وقد أخرج من قبل رواية سفيان وهي متصلة ومذهبه ومذهب محققي