قوله:(فسأل عمر بن الخطاب) قال ابن العربي: سؤال عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك يحتمل وجوها منها أنهم لم يروا قبل هذه النازلة مثلها فأراد السؤال ليعلموا الجواب، ويحتمل أن يكون ذلك معلومًا عنده بالقرآن وهو قوله تعالى:{فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} وقوله: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} وقد عدم أن هذا ليس بقرء فافتقر إلى معرفة كيفية الحكم فيه، ويحتمل أن يكون سمع من النبي صلى الله عليه وسلم النهي فجاء ليسأل عن الحكم بعد ذلك، كذا في عارضة الأحوذي [٥/ ١٢٦].
قال القرطبي: واختلف في منع الطلاق في الحيض فقيل هو تعبدي غير معقول المعنى، وقيل هو معلل بتطويل العدة وهذا على أصلنا في أن الأقراء هي الأطهار وينبني على هذا الخلاف الخلاف في المطلقة قبل الدخول والحامل في حال الحيض فإذا قلنا هو تعبدي لم يجز أن يطلقا وهما حائضان، وإذا قلنا هو للتطويل جاز ذلك لأن المطلقة قبل الدخول لا عدة عليها، ولأن عدة الحامل وضع حملها، وقيل إن علة ذلك خوف الإسراع إلى الطلاق والتساهل فيه بسبب أنه لا يتلذذ الزوج بوطئها لأجل الحيض بل تنفر نفسه منها ويهون عليه أمرها غالبًا فقد تحمله تلك الحالة على الإسراع إلى الطلاق والتساهل فيه، و (الطلاق أبغض الحلال إلى الله) كما قاله صلى الله عليه وسلم رواه أبو داود وابن ماجه، لأنه نقيض الألفة المطلوبة شرعا، وإنما شُرع الطلاق تخلصًا من الضرر اللاحق بالزوج، ولذلك كره الطلاق من غير سبب، وإلى هذا الإشارة بقوله:(لا يفرك مؤمن مؤمنة) وبقوله: (والمرأة خُلقت من ضلع أعوج) الحديثين المتقدمين اهـ من المفهم.
وقوله:(مُرْه) أصله أأمره بهمزتين أولاهما للوصل مضمومة تبعًا للعين مثل اقتل والثانية فاء الكلمة ساكنة تبدل تخفيفا من جنس حركة سابقتها فتقول أومر فإذا وصل الفعل بما قبله زالت همزة الوصل وسُكنت الهمزة الأصلية كما في قوله تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ} لكن استعملها العرب بلا همزة فقالوا: مُرْ لكرة الدوران على الألسنة ولأنهم حذفوا أولًا الهمزة الثانية تخفيفًا ثم حذفوا همزة الوصل استغناء عنها لتحرك ما بعدها وكذا حُكم أأخذ وأ أكل كما بسطنا الكلام على ذلك في شرحنا مناهل الرجال على لامية الأفعال فراجعه إن شئت. (فليراجعها) ظاهره وجوب الرجعة على من طلق امرأته وهي حائض طلاقًا رجعيًّا وهو قول مالك وداود الظاهري وإحدى الروايتين عن أحمد