للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثُمَّ لْيتركْهَا حَتَّى تطْهُرَ. ثُمَّ تَحِيضَ. ثُمَّ تَطْهُرَ. ثُمَّ، إنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ، وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ. فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتي أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ"

ــ

وهو المختار عند الحنفية، وقال الشافعي: لا تجب الرجعة، وإنما هي مستحبة وهو المختار عند الحنابلة كما في المغني.

واحتج القائلون بالوجوب بصيغة الأمر، وبأن الطلاق في حالة الحيض معصية فوجب التخلص عنها بالقدر الممكن وتعذر ارتفاع المعصية لا يصلح صارفًا للصيغة عن الوجوب لجواز إيجاب رفع أثرها وهو العدة وتطويلها إذ بقاء الشيء بقاء ما هو أثره من وجه فلا تترك الحقيقة واحتج القائلون بالاستحباب بأن ابتداء النكاح غير واجب فاستدامته كذلك، وأما صيغة الأمر في حديث الباب فمحمولة عندهم على الاستحباب اهـ تكملة.

وفيه دليل على أن الطلاق في الحيض يقع ويلزم وهو مذهب الجمهور خلافًا لمن شذ وقال إنه لا يقع لأنه غير مأذون فيه وهُمْ بعض الظاهرية، ثم إذا حكمنا بوقوعه اعتد له بها من عدد الطلاق الثلاث كما قال نافع وابن عمر في هذا الحديث على ما يأتي (ثم ليتركها) أي ليمسكها كما هو رواية أبي داود (حتى تطهر) من الحيضة التي طلقها فيها (ثم تحيض) حيضة أخرى (ثم تطهر) أي من الحيضة الثانية (ثم) بعدما طهرت من الحيضة الثانية (أن شاء) إمساكها في نكاحه (أمسكـ) ـها في نكاحه (بعد) بالبناء على الضم لقطعه عن المضاف إليه ونية معناه أي بعد الطهر من الحيضة الثانية (وإن شاء) تطليقها (طلقـ) ـها في الطهر الثاني (قبل أن يمسـ) ـها أي يجامعها (فإن قلت): الأمر بالرجعة كان لدفع المعصية فما فائدة الأمر بتأخير الطلاق إلى طهر بعد الطهر الذي يلي الحيض؟ قلنا فائدته لئلا تكون الرجعة لأجل الطلاق في الطهر لأنها حينئذٍ مكروهة كما يكره النكاح للطلاق اهـ مبارق، وفي التأخير المذكور فائدة أخرى وهي امتداد مقامه معها فلعله يجامعها فيذهب ما في نفسه من سبب طلاقها فيمسكها فبقاء الزواج أحب من وقوع الفراق على أنها ما كانت راضية بالطلاق اهـ منه، والإشارة في قوله: (فتلك) راجعة إلى الحالة التي عينها بقوله المتقدم لجواز إيقاع الطلاق وهي أن تكون في طهر لم تمس فيه، وهو مبتدأ خبره (العدة) أي فتلك الحالة التي هي الطهر الثاني زمن الشروع في العدة (التي أمر الله عزَّ وجلَّ أن يُطلّق لها) أي فيها (النساء) بقوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ

<<  <  ج: ص:  >  >>