يومئذٍ موجودة فيرد به على من زعم أنها ماتت سنة ست من الهجرة فإن التخيير كان في سنة تسع، كذا في فتح الباري [٨/ ٤٥١].
واعلم أنه قد اختلفت الروايات في سبب هذا التخيير فورد في بعضها أن سببه قصة المتظاهرتين وهي قصة العسل كما عند البخاري في باب موعظة الرجل ابنته في النكاح، وفي بعضها أن سببه سؤال النفقة كما سيأتي عند المؤلف في حديث جابر رضي الله عنه وفي بعضها غير ذلك، ولما كانت هذه القصص متقاربة ربما اختلطت على من لا يعرف حقيقة الأمر أوردناها لك مرتبة.
واعلم أن غضبه صلى الله عليه وسلم من أزواجه واعتزاله عنهن وتخييرهن كان لأسباب متعددة متوالية فوقعت أولًا قصة العسل، ثم قصة مارية رضي الله تعالى عنها إن صحت فحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم العسل على نفسه من أجل ذلك فنزلت آية التحريم، ثم اجتمعت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عليه يسألنه زيادة النفقة وكلما سيأتي في حديث جابر، وحدثت أمور أخرى ستأتي هناك فآلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أزواجه واعتزلهن شهرًا كما سيأتي في حديث عمر وابن عباس حتى إذا فرغ من إيلائه نزلت آية التخيير التي خيّر من أجلها رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه بين المكث معه وبين الفراق، هذا ما لُخِّص من فتح الباري [٨/ ٤٠٠]، في تفسير سورة الأحزاب و [٩/ ٢٥٣ و ٢٥٤]، باب موعظة الرجل ابنته من النكاح والله أعلم.
قال النووي: قوله: (فلا عليك أن لا تعجلي) إلخ معناه لا يضرك أن لا تعجلي إنما قال ذلك لها شفقة عليها وعلى أهلها لأنه خاف أن يستغرَّها الصغر فتختار نفسها فيجب فراقها فتتاذى بذلك فيتأذى أهلها ويتأذى بقية النسوة في الاقتداء بها، قال القاضي: وقال ذلك لكراهية فراقها وخوف أن تبادر بذلك إذ جعل ذلك إليها لما في ظاهره من الزهد فيها بتخييرها وأنفة النساء من مثل هذا مع صغر سنها اهـ من الأبي.
(قالت) عائشة: وإنما قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم عليك أن لا تعجلي لأنه (قد علم أن أبويّ لم يكونا ليأمراني بفراقه) صلى الله عليه وسلم وهذه اللام أعني لام ليأمراني لام الجحود الواقعة بعد الكون المنفي بما أو بما نظير قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيبِ} ووقع في رواية عمرة عن عائشة في هذه القصة (وخشي رسول الله