النبي صلى الله عليه وسلم (ثم نظر إليّ فلم يقل) لي (شيئًا) من الكلام، وفي الحديث دلالة على أن للإمام أن يحتجب عن بطانته وخاصته عند الأمر يطرقه من جهة أهله حتى يذهب غيظه ويخرج إلى الناس وهو منبسط إليهم، وعلى الرفق بالأصهار والحياء منهم إذا وقع للرجل من أهله ما يقتضي معاتبتهم، وعلى أن السكوت قد يكون أبلغ من الكلام لأنه صلى الله عليه وسلم لو أمر غلامه برد عمر لم يجز لعمر العود إلى الاستئذان مرة بعد أخرى فلما سكت فهم عمر من ذلك أنه لم يؤثر رده مطلقًا، وعلى أن الحاجب إذا علم منع الإذن بسكوت المحجوب لم يأذن، وعلى أن الاستئذان مشروع ولو كان الرجل وحده لاحتمال أن يكون على حالة يكره الاطلاع عليها كذا قال في الفتح، قال عمر:(ثم رفعت صوتي) في المرة الثالثة كأنه أراد أن يبلغ صوته إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه جواز تكرار الاستئذان إذا رجا صاحبه الإذن (فقلت: يا رباح استأذن لي عندك على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإني أظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ظن أني جئت من أجل) الاستشفاع لي (حفصة، والله لئن أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بضرب عنقها لأضربن عنقها ورفعت صوتي) أيضًا بهذا الكلام (فأومأ) أي أشار (إلي) رباح بـ (أن ارقه) أي بالصعود إلى المشربة بواسطة ذلك الجذع المنقور كالسلم فـ (أن) تفسيرية و (ارقه) أمر من الرقي بمعنى الصعود والهاء في آخره إما للسكت أي للوقف أو ضمير عائد إلى الجذع، وفي الكلام حذف تقديره فرقيت (فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم) في الغرفة (وهو) صلى الله عليه وسلم (مضطجع على حصير) أي على نسيج خوص النخل (فجلست) عنده (فأدنى عليه إزاره) أي تغطى به زيادة على تغطيه في خلوته صلى الله عليه وسلم، وفي نسخة (فإذا عليه إزاره)(و) الحال أنه (ليس عليه) صلى الله عليه وسلم (غيره) أي غير إزاره (وإذا الحصير قد أثر) أي أظهر