شرطهم، وبقوله:(ابتاعي فأعتقي) استدل من أجاز بيع المكاتب لأن بريرة رضي الله تعالى عنها كانت مكاتبة وأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعها وهو قول أحمد وعطاء والليث وأبي ثور والنخعي ومالك في رواية عنه، وقالوا إنه يمضي في كتابته بعد البيع فإن أدى عتق وكان ولاؤه للذي ابتاعه وإن عجز فهو عبد له كما في عمدة القاري [٦/ ٢٥٠] وقال أبو حنيفة والشافعي وبعض المالكية: لا يجوز بيع المكاتب حتى يعود رقيقًا بالعجز عن أداء بدل الكتابة ولكن الأمر سهل عند أبي حنيفة وذلك لأنه يجوز عنده بيع المكاتب إذا رضي هو بالبيع.
قال القرطبي: الولاء نسبة ثابتة بين المعتق وبين المعتق تشبه النسب وليس منه ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (الولاء لحمة كلحمة النسب) رواه الحاكم والبيهقي وابن حبان، قال الخطابي: ووجه ذلك أن الولاء لما كان كلحمة النسب والإنسان إذا وُلد له ولد ثبت له نسبه ولا ينتقل نسبه عنه ولو نسب إلى غيره فكذلك إذا أعتق عبدًا ثبت له ولاؤه ولو أراد نقل ولائه عنه أو أذن في نقله عنه لم ينتقل فلم يعبأ باشتراطهم الولاء لأنفسهم بل هو بمنزلة اللغو من الكلام اهـ. قال القرطبي: وخلاصة ما ذكر أن العبد في حكم المفقود لنفسه والمعتق يصيره موجودًا لنفسه فأشبه حال الولد مع الوالد ولهذا أشار النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكًا فيشتريه فيعتقه" رواه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه فإذا ثبتت هذه النسبة ترتب عليها من الأحكام الشرعية ما يترتب على النسب لكنه متأخر عنه فمهما وُجد نسب كان هو المقدم على الولاء، ثم إن الأحكام لا تثبت بينهما من الطرفين بل من طرف المعتق لأنه المنعم بالعتق والمعتق منعم عليه فلا جرم يرث المعتِق المعتَق ولا ينعكس اتفاقًا فيما أعلم، وعلى هذا قيل المعتِق يلي بنات معتقه ولا ينعكس على المشهور الصحيح وقيل ينعكس اهـ من المفهم.
(ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم) على منبره (فقال ما بال أناس) أي ما شأنهم (يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله) تعالى أي ليست في حكمه ولا على موجب قضاء كتابه لأن كتاب الله أمر بطاعة الرسول وأعلم أن سنته بيان له وقد جعل