مع زوجها ومفارقته (فاختارت) بريرة (نفسها) أي بمفارقة زوجها، هذه الرواية فيها إجمال وإطلاق وقد زال إجمالها وتقيد إطلاقها بالروايتين المذكورتين بعدها فإن فيهما أن بريرة كان لها زوج حين أعتقت وأن زوجها كان عبدًا ومقتضى هذا الحديث بقيوده مجمع عليه وهو أن الأمة ذات الزوج العبد إذا أعتقت مخيرة بين الرضا بالبقاء مع زوجها أو مفارقته لشرف الحرية التي حصلت لها على زوجها ولدفع مضرة المعرة اللاحقة لها بملك العبد لها ولما كان هذا راجعًا لحقها لا لحق الله تعالى خترها رسول الله صلى الله عليه وسلم في أن تأخذ بحقها فتفارقه أو تسقطه فترضى بالمقام معه، وعلى هذا فلو كان زوجها حرًّا لم يكن لها خيار للمساواة بينهما ولنفي الضرر اللاحق بها هذا مذهب جمهور العلماء وقد شذ أبو حنيفة فأثبت لها الخيار وإن كان زوجها حرًّا متمسكًا بما قال الحكم بن عيينة إن زوج بريرة كان حرًّا وكذلك قال الأسود وكلاهما لا يصح، قال البخاري: إن قول الحكم مرسل وقول الأسود منقطع قال وقول ابن عباس كان عبدًا أصح وكذلك رواه جماعة عن يزيد بن رومان عن عروة عن عائشة أنه كان عبدًا وهو الصحيح عنها (قالت) عائشة في بيان القضية الثالثة (وكان الناس بنصدقون عليها وتهدي لنا) معاشر أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم من تلك الصدقة، قالت عائشة:(فذكرت ذلك) أي إهداءها لنا من صدقتها اللنبي صلى الله عليه وسلم فقال) النبي صلى الله عليه وسلم: (هو) أي ذلك اللحم الذي أهدته لكم (عليها صدقة وهو) أي ذلك الطعام الكم هدية) منها إليكم (فكلوه) يعني أنها كانت معلومة الفقر فكانت تقصد بالصدقات واجبها وتطوعها وفي بعض ألفاظ هذا الحديث (يهدون لها) ولا تناقض فيه فإنه كان يفعل معها الوجهان الصدقة والهدية وقد يجوز أن تسمى الصدقة هدية كما قد أطلق عليها ذلك بعض الرواة فقال: (أهدي لها لحم) يعني تُصدق عليها بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: "هو لها صدقة ولنا هدية" وقد اضطربت ألفاظ الرواة لهذا الحديث فقال بعضهم: (أهدي لها لحم) وقال بعضهم: (تُصدق عليها بلحم بقر) وقال بعضهم قالت عائشة: (تصدق على مولاتي بشاة من الصدقة) وقال بعضهم: (قالت عائشة: بعث النبي صلى الله عليه