مبيع منك بكذا اهـ منه. قال ابن الأثير في جامع الأصول:[١/ ٥٢٨] بيع الحصاة هو أن يقول: إذا نبذت الحصاة فقد وجب البيع، وقيل هو أن يقول: بعتك من السلع ما تقع عليه حصاتك إذا رميت، أو بعت من الأرض إلى حيث تنتهي حصاتك والكل فاسد لأنه من بيوع الجاهلية وكلها غرر لما فيه من الجهالة اهـ.
(البيع بالتعاطي) واستدل الشافعي على حرمة بيع التعاطي بحديث النهي عن بيع الحصاة وعن بيع الملامسة والمنابذة وقال: إن هذه البيوع إنما فسدت لكونها خالية من الإيجاب والقبول فيقاس عليها التعاطي لأنه يخلو عن الإيجاب والقبول، وقد رد عليه ابن قدامة في المغني بما فيه الكفاية فلنحك عبارته بلفظه، قال ابن قدامة: المعاطاة مثل أن يقول: أعطني بهذا الدينار خبزًا فيعطيه ما يرضيه أو يقول: خذ هذا الثوب بدينار فيأخذه. (قلت): جعله ابن قدامة من باب التعاطي وقال بعض الفقهاء: إنه ليس من باب التعاطي وإنما هو إيجاب لفظًا وقبول فعلًا والتعاطي إنما يكون فيما كان الإيجاب والقبول فيه فعلًا والله أعلم. قال: فهذا بيع صحيح نص عليه أحمد فيمن قال لخباز: كيف تبيع الخبز؟ قال: كذا بدرهم، قال: زنه وتصدق به فإذا وزنه فهو عليه وقول مالك نحو من هذا فإنه قال: يقع البيع بما يعتقده الناس بيعًا، وقال بعض الحنفية: يصح التعاطي في الأشياء الخسيسة، وحكي عن القاضي مثل هذا قال: يصح في الأشياء اليسيرة دون الكثيرة. (قلت): والصحيح المفتى به عند الحنفية جواز التعاطي في خسائس الأشياء ونفائسها كما في الدر المختار والله أعلم. ومذهب الشافعي رحمه الله تعالى أن البيع لا يصح إلا بالإيجاب والقبول لفظًا وذهب بعض أصحابه إلى مثل قولنا.
ولنا أن الله أحل البيع ولم يبين كيفيته فوجب الرجوع فيه إلى العرف كما رجع إليه في القبض والإحراز والتفرق، والمسلمون في أسواقهم وبياعاتهم على ذلك ولأن البيع كان موجودًا بينهم معلومًا عندهم، وإنما علق عليه الشرع أحكامًا وأبقاه على ما كان فلا يجوز تغييره بالرأي والتحكم، ولم يُنقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه مع كثرة وقوع البيع بينهم استعمال الإيجاب والقبول، ولو استعملوا ذلك في بياعاتهم لنقل نقلًا شائعًا ولو كان ذلك شرطًا لوجب نقله ولم يتصور منهم إهماله والغفلة منه، ولأن البيع مما تعم به البلوى فلو اشترط له الإيجاب والقبول لبينه صلى الله عليه وسلم