(قال) ابن عمر رضي الله عنهما للرجل (لا) أقول الحج وصيام رمضان بتقديم الحج على الصوم لأن الحديث الذي سمعته ليس على ذلك الترتيب بل أقول في روايتي وايتاء الزكاة و (صيام رمضان والحج) بتأخير الحج عن الصوم (هكذا) أي على هذا الترتيب بتأخير الحج (سمعته) أي سمعت هذا الحديث (من رسول الله صلى الله عليه وسلم) فلا أغيره عن الترتيب الذي سمعته إلى ما قلت أيها الرجل من تقديم الحج على الصوم.
وشارك المؤلف رحمه الله تعالى في رواية هذا الحديث أحمد (٢/ ٢٦، ٩٣) والبخاري (٨) والترمذي (٢٧٣٦) والنسائي (٨/ ١٠٧) قال المازري: إن كان ابن عمر يرى أن الواو ترتب فإنكاره بيِّن لأنه يجب نقل المسموع ويستفاد منه تقديم كفارة الفطر في رمضان على الهدي الواجب في الحج إذا أوصى بهما وضاق الثلث لإشعار الترتيب بأن ما قدم آكد والوصايا إنما يقدم فيها الآكد وإن لم يره فإنكاره لأنه يمنع نقل الحديث بالمعنى، قال القاضي عياض أو لأنه راعى التاريخ في النزول فجاء بالفرائض على نسقها لأن فرض الحج تأخر، قال النواوي: أو لأنه فهم أن الرجل أنكر أن يكون الحديث رُوي بتقديم رمضان فقال: لا تنكر كذا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الأبي (قلت) على تقدير أن لا يراه فليس من النقل بالمعنى لأن الرواية قد صحت عنه بتقديم الحج إلا أن يقال بأنه نسي ويَبعد (فإن قلت) إذا صحت الرواية عنه بتقديم الحج واستبعدت أن يكون نسي فلم أنكر (قلت) لأنه فهم أن الرجل حصر الرواية في تقديم الحج ولا يصح أيضًا التوجيه بأنه راعى التاريخ في النزول فإنه إنما علل بالسماع من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تُلغى العلة المنصوصة وتعتبر المستنبطة وفرض الصوم نزل في سنة اثنتين وفرض الحج سنة تسع على الصحيح، وقيل سنة خمس انتهى من الأبي.
وقال النواوي: وأما تقديم الحج وتأخيره ففي الرواية الأولى والرابعة تقديم الصيام، وفي الثانية والثالثة تقديم الحج ثم اختلف العلماء في إنكار ابن عمر على الرجل الذي قدم الحج مع أن ابن عمر رواه كذلك كما وقع في الطريقين المذكورين والأظهر والله أعلم أنه يحتمل أن ابن عمر سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم مرتين مرة