للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَسَأَلْتَنِي أَنْ أُلَخِّصَهَا لَكَ فِي التَّأْلِيفِ بِلَا تَكْرَارٍ يَكْثُرُ، فَإِنَّ ذَلِكَ زَعَمْتَ مِمَّا يَشْغَلُكَ

ــ

ما ليس بحديثٍ؛ كاستِنباطِ فِقْهِ، أو نَقْلِ آراءِ العلماءِ، أو عاضدٍ من كتابٍ أو أَثَرٍ كما فعل البُخَارِيُّ رحمه الله تعالى.

قولُه: "مُحْصَاةً" أي: مجتمعةً كُلَّها) اهـ (١).

وقولُه: (وَسَأَلْتَنِيِ) معطوفٌ على قوله: (ذَكَرْتَ) أي: أمَّا بعدُ: فأقول لك: إِنك بتوفيق خالقك ذَكرْتَ لي أَنَّك هَمَمْتَ. . . إِلخ، وأقول لك: إِنك بتوفيق خالقك سألتَني وطَلَبْتَ مني (أنْ أُلَخِّصَها) أي: أنْ أذكرَ خلاصةَ تلك الأخبارِ المأثورةِ عنه صلى الله عليه وسلم؛ أي: التي خلصت من اختلاط أقوال الفقهاء وآراء العلماء والآيات القرآنية والتراجِم فيها، كما خلط البخاريُّ ذلك في "صحيحه" أي: سَألْتَنِي أنْ أَذْكُرَ خالصَ الأخبارِ من ذلك المذكور وصافيَها من مزج ذلك فيها وأُبيِّنَها (لَكَ) ولغيرك أيضًا، وأَجْمَعَها (في التأليفِ) أي: في الكتاب المؤلَّفِ الجامعِ لها، فالمصدرُ بمعنى اسم المفعول.

وقولُه: (بلا تَكْرَارٍ) ولا تَرْدَادٍ متعلِّقٌ بـ (أُلَخِّصَ) أي: سَأَلتَنِي تلخيصها وتبيينَها لك بلا حصولِ تكرارٍ وإِعادةٍ لما ذُكِرَ أولًا وثَانيًا وَثَالِثًا في موضعٍ أو مواضعَ متعددةٍ وتراجِمَ مختلفةٍ.

وقولُه: (يَكْثُرُ) عُرْفًا صفةٌ لتكرارٍ؛ أي: تلخيصَها لك بلا حصولِ تكرارٍ كثيرٍ في تلك الأخبار المبينة لك بلا غرض، فلا يَضُرُّ تكرارٌ يسيرٌ عُرْفًا لغرضٍ ما، كتكرارِ السَّنَدِ لبيان المتابعات، وتكرارِ المتن لحصول الزيادة في الرواية الثانية، أو حصول مخالفتها للرواية الأُولى في بعض الألفاظ.

والفاءُ في قوله: (فإنَّ ذلك) التكرارَ (زَعَمْتَ) (٢) وقلتَ: إِنه (مِمَّا يَشْغَلُكَ)


(١) "مكمل إكمال الإِكمال" (١/ ٥).
(٢) انظر "شرح صحيح مسلم" للنووي (١/ ٤٥)، والمصدر السابق.
وقال الإِمام ابنُ الصلاح: (وقوله: "أَنَّك تَزْعُمُ" مع تصديق رسول الله صلى الله عليه وسلم له دالٌّ على أَن زَعَمَ ليس مخصوصًا بالكذب وبما ليس بمُحَقَّق، بل قد يجيءُ بمعنى =

<<  <  ج: ص:  >  >>