(١١)(قال ابن رافع: حدثنا) عبد الرزاق (وقال الآخران): يعني إسحاق وعبد بن حميد (أخبرنا عبد الرزاق) بن همام الصنعاني (أخبرنا معمر) بن راشد الأزدي البصري (عن) عبد الله (بن طاوس) اليماني الصنعاني (عن أبيه) طاوس بن كيسان (عن ابن عباس) رضي الله عنهما. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة عبد الله بن طاوس لعمرو بن دينار (قال) ابن عباس (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ابتاع) واشترى (طعامًا) أو غيره (فلا يبعه) أي فلا يبع المشتري ذلك الطعام لثالث (حتى يقبضه) بإقباض البائع أو بنقله عن موضعه في حالة العقد.
(قال ابن عباس: وأحسب) أي أظن (كل شيء) من المبيعات طعامًا كان أو غيره منقولًا كان أو عقارًا أن يكون (بمنزلة الطعام) وفي حكمه في النهي عن بيعه قبل قبضه وهذا من تفقه ابن عباس رضي الله عنهما وبظاهر هذا الحديث أخذ مالك غير أنه ألحق بالشراء جميع المعاوضات، وحمل الطعام على عمومه ربويًا كان أو غير ربوي في مشهور الروايتين عنه، وروى ابن وهب عنه تخصيصه بما فيه الربا من الأطعمة ورأى ابن حبيب وسحنون أن يتعدى إلى كل ما فيه حق توفية فحذفا خصوصية الطعام وكذلك فعل الشافعي غير أنه لم يخصه بما فيه حق توفية بل عداه لكل مشترٍ وكذلك أبو حنيفة غير أنه استثنى من ذلك العقار وما لا ينقل، وقال عثمان البتي: يجوز بيع كل شيء قبل قبضه، وانفرد به اهـ من المفهم.
وحكمة النهي عن البيع قبل القبض منع المشتري من التصرف فيه حتى يتم استيلاؤه عليه. وينقطع عن البائع وينفطم عنه فلا يطمع في الفسخ والامتناع من الإقباض إذا رأى المشتري قد ربح فيه ويغره الربح، وربما أفضى إلى التحيل على الفسخ ولو ظلمًا وهذا من المصالح التي لا يهملها الشارع حتى إن من لا خبرة له من التجار بالشرع يتحرى ذلك ويقصده لما في ظنه من المصلحة وسد باب المفسدة اهـ ابن القيم.