(جزافًا) بكسر الجيم مصدر قياسي لجازف يجازف كقاتل يقاتل وقيل هو بضم الجيم وقيل بفتحها ولكن الكسر أفصح وأقيس ومعناه الشراء بدون كيل أو وزن وهو معرب من لفظ الفارسية كزاف ومن ثم جعله بعضهم مضموم الجيم لأن الكاف الفارسية في أصل الكلمة مضمومة ولكن بعدما عرّبوه وبنوا منه فعلًا أجروا فيه القياس الصرفي وهو كسر الجيم فصار أفصح كما يظهر من تاج العروس للزبيدي.
ثم قد اتفق العلماء على أن ذكر الجزاف في الحديث بيان للواقع وليس قيدًا لحرمة البيع قبل القبض فيحرم البيع قبل القبض فيما بيع مكايلة أو موازنة كما يحرم فيما بيع مجازفة لأن ألفاظ الحديث في المرويات السابقة عامة تشمل المجازفات والمكايلات جميعًا ولأنه قد روي عن ابن عمر هذا الحديث بلفظ (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يبيع أحد طعامًا اشتراه بكيل حتى يستوفيه) أخرجه أبو داود والنسائي فقد جاء فيه التنصيص على أن بيع المكيل قبل القبض حرام أيضًا فتبين أن ذكر الجزاف في حديث الباب ليس قيدًا للحكم وإنما هو لبيان ما كانوا يفعلونه في الغالب.
ودل هذا الحديث بإشارته على جواز البيع مجازفة لأن الحديث لم ينه عن المجازفة وإنما وقع النهي عن بيع المبيع قبل قبضه وقد اتفق العلماء على جواز أصل المجازفة في البيع على اختلاف بينهم في تفاصيلها أما الحنفية فجواز المجازفة عندهم مقيد بغير الأموال الربوية إذا بيعت بجنسها فأما الأموال الربوية فلا يجوز فيها المجازفة إذا بيعت بجنسها لأنه يحتمل التفاضل وهو ربا وعدم الجواز في الأموال الربوية مقيد أيضًا بما يدخل تحت الكيل منها وأما ما لا يدخل تحت الكيل كحفنة بحفنتين فيجوز إلا ما رُوي عن محمد أنه كره التمرة بالتمرتين وقال ما حرم في الكثير حرم في القليل راجع كتب فروعهم.
(فنهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نبيعه حتى ننقله من مكانه) الذي كان فيه حالة العقد.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا فقال:
٣٧٢٢ - (٠٠)(٠٠)(حدثني حرملة بن يحيى) التجيبي المصري (أخبرنا عبد الله بن