بالإجماع إلا ما رُخص فيه من العرايا على اختلاف في تفسيرها، وسيأتي الكلام فيه مفصلًا في الباب التالي إن شاء الله تعالى. والصورة الثانية أن يُباع الرطب المقطوع بالتمر المقطوع وفيه خلاف فقال الأئمة الحجازيون الثلاثة: إنه لا يجوز سواء كان البيع بالتساوي أو بالتفاضل وبه قال أبو يوسف ومحمد وقال أبو حنيفة: يجوز البيع يدأ بيد متساويًا ويحرم متفاضلًا أو نسيئة واستدلت الأئمة الثلاثة بحديث الباب.
(قال ابن عمر) رضي الله عنهما، بالسند السابق حدثنا النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث السابق بلا واسطة (وحدثنا) أيضًا (زيد بن ثابت) بن الضحاك الأنصاري النجاري كاتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص) أي سهل وجوّز (في بيع) ثمر النخلات (العرايا) أي الخالية المجردة عن حكم سائر النخلات من التحريم المختصة بجواز بيع ثمارها بتمر (زاد) محمد بن عبد الله (بن نمير في روايته) على غيره لفظة (أن تباع) أي رخص في اشترائها والجملة بدل من بيع العرايا، والعرايا جمع عرية كهدايا جمع هدية وضحايا جمع ضحية وهي فعيلة بمعنى مفعولة من عراه يعروه إذا قصده لأن ثمرها مقصود للمحتاجين ويحتمل أن تكون فعيلة بمعنى فاعلة من عري يعرى إذا خلع ثوبه وتجرد عنه كأنها عريت من جملة التحريم فعريت أي خرجت، وقيل في تفسيرها: إنه لما نهى عن المزابنة وهي بيع الثمر في رؤوس النخل بالتمر على الأرض رخص من جملة المزابنة في العرايا وهو أن من لا نخل له من ذوي الحاجة يدرك الرطب ولا نقد بيده يشتري به الرطب لعياله ولا نخل لهم يطعمهم منه ويكون قد فضل له من قوته فيجيء إلى صاحب النخل فيقول له: بعني ثمر نخلة أو نخلتين بخرصها من التمر فيعطيه ذلك الفاضل من التمر بثمر تلك النخلات ليصيب من رطبها مع الناس فرخص فيه إذا كان دون خمسة أوسق قاله ابن الأثير في النهاية.
وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته النسائي فقط كما في تحفة الأشراف.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى خامسًا لحديث ابن عمر بحديث آخر لأبي هريرة رضي الله عنهم فقال: