قوله:(واستكراء الأرض بالقمح) هذا هو التفسير الثاني للمحاقلة وحاصله استكراء الأرض بجزء من الخارج وهو ممنوع عند أبي حنيفة مطلقًا فالحديث عنده على إطلاقه وعمومه، وأما الجمهور وفيهم أبو يوسف ومحمد فإنهم يقولون بتحريمه إذا وقع الاستكراء على قدر مسمى من الخارج، وأما إذا وقع الاستكراء على جزء شائع من الخارج كالثلث والربع فلا حرمة عندهم وعليه الفتوى عند الحنفية فيكون النهي في حديث الباب مقيدًا بالصورة الأولى ويدل على هذا التقييد ما أخرجه ابن ماجه في كتاب الرهون باب استكراء الأرض بالطعام عن رافع بن خديج قال: كنا نحاقل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فزعم أن بعض عمومتي أتاهم فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كانت له أرض فلا يكريها بطعام مسمى" فقيد النهي بما إذا كان الطعام مسمى، وسيأتي تمام الكلام على هذه المسألة في باب كراء الأرض إن شاء الله تعالى، وغرضه بسوق أثر سعيد بن المسيب الاستدلال على الجزء الأول من الترجمة ثم استشهد له بأثر سالم بن عبد الله فقال:
(قال) ابن شهاب بالإسناد السابق (وأخبرني سالم بن عبد الله) بن عمر عن أبيه (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا تبتاعوا الثمر) أي لا تشتروا الثمر الرطب المعلق على الشجر (حتى يبدو صلاحه) بصلاحيته للأكل وأمنه من الآفة (ولا تبتاعوا الثمر) على الشجر (بالتمر) على الأرض لعدم المماثلة. وأثر سالم هذا موصول وصله البخاري في باب بيع المزابنة وفيه عن عقيل عن ابن شهاب قال: أخبرني سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر فذكر الحديث. ثم امشدل على العرية بحديث زيد بن ثابت فقال:
قال ابن شهاب بالسند المذكور آنفًا فهو موصول أيضًا (وقال) لنا (سالم) بن عبد الله فهو معطوف على قوله: وأخبرني سالم بن عبد الله (أخبرني عبد الله) بن عمر (عن زيد بن ثابت) بن الضحاك الأنصاري النجاري المدني كاتب الوحي رضي الله عنهما، وهذا السند من ثمانياته (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رخص) وجوّز (بعد ذلك) أي