بعد النهي عن المزابنة (في بيع) ثمر النخلة (العرية) في بيع الثمر المعلق عليها (بالرطب) المجذوذ عنها (أو بالتمر) اليابس (ولم يرخص) من المزابنة (في غير ذلك) أي في غير بيع ثمر العرية، وكذا في رواية البخاري (بالرطب أو بالتمر) قال القسطلاني: مقتضاه جواز بيع الرطب على النخل بالرطب على الأرض وهو وجه عند الشافعية فتكون أو للتخيير، والجمهور على المنع فيتأولون هذه الرواية بأنها من شك الراوي أيهما قال النبي صلى الله عليه وسلم وما في أكثر الروايات يدل على أنه إنما قال: التمر فلا يعوّل على غيره. وقد وقع في رواية عند النسائي والطبراني ما يؤيد أن أو للتخيير لا للشك ولفظه بالرطب وبالتمر اهـ، قلت: ورواية أبي داود هذه أيضًا تؤيد أن أو في رواية الشيخين للتخيير لا للشك والله تعالى أعلم اهـ من العون.
قوله:(في بيع العرية) هي واحدة العرايا كقضية وقضايا وهي من النخل كالمنيحة من الحيوان المذكورة في كتاب الزكاة فهي النخلة التي يعطيها مالكها أي يهب ثمارها لغيره من المحتاجين ليأكلها عامًا أو أكثر يقال: نخلهم عرايا أي موهوبات يعروها الناس أي يغشونها يأكلون ثمارها لكرمهم فالمعنى أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص بعدما نهى عن المزابنة لصاحب العرية أن يشتري ما عليها من الرطب تخمينًا بقدره من التمر يأكل أهله رطبًا، والخرص بفتح الخاء هو التخمين وبالكسر المقدار المخمن، و (قوله: بالرطب أو التمر) تنويع شامل لبيع المعري والمحتاج فإنه صاحب العرية كما أنه يشتهي الرطب فيبتاعه بما عنده من التمر فكذلك المحتاج الموهوب له قد لا يستطيع أن ينتظر صيرورة رطبه تمرًا فيريد بيع ما على العرية من الرطب بما شاء من التمر لاحتياجه إليه اهـ من بعض الهوامش.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [٥٨٢٠]، وأبو داود [٣٣٧٧ و ٣٣٧٨]، والنسائي [٧/ ٢٦٠ و ٢٦١]، وابن ماجه [٢١٧٠].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه فقال:
٣٧٥٦ - (٠٠)(٠٠)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي (قال: قرأت على مالك عن