بلفظ الهبة وأن يكون المشترى جميع العرية وأن يكون مما يدخر وييبس.
والقول الرابع: قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وتفسير العرايا عنده عين ما فسر به مالك غير أنه يقول: إنه ليس ببيع حقيقة وإنما هو استبدال موهوب بموهوب آخر قبل أن يقبضه الموهوب له وذلك لأن الهبة لا تتم إلا بالقبض فلما وهب المالك ثمرة نخله لرجل فقير مثلًا لم تتم الهبة بقوله فقط وإنما تتم عند قبضه الثمر فلما تغير رأيه وأراد أن يأخذ ثمار النخل لأهله ويعطي الفقير مكانها تمرًا مجذوذًا كان هو استبدال الهبة وليس بيعًا في الحقيقة، وإنما سمي بيع العرايا مجازًا لكون صورته صورة البيع ولما لم تكن المعاملة بيعًا لم يشترط لجوازه الشروط الأربعة التي اشترطها مالك بل تجوز مطلقًا.
والقول الخامس: قول أبي عبيد القاسم بن سلام رحمه الله تعالى وتفسير العرايا عنده أن العرايا هي النخلات يستثنيها الرجل من حائطه إذا باع ثمرته فلا يدخلها في البيع ولكنها يبقيها لنفسه وعياله فتلك الثنيا لا تخرص عليه لأنه قد عفي لهم عما يأكلون تلك الأيام فهي العرايا، سميت بذلك في هذا التفسير لأنها أعريت من أن تباع أو تخرص في الصدقة فأرخص النبي صلى الله عليه وسلم لأهل الحاجة والمسكنة الذين لا ورق لهم ولا ذهب وهم يقدرون على الثمر أن يبتاعوا بتمرهم من ثمار هذه العرايا بخرصها فعل ذلك بهم النبي صلى الله عليه وسلم ولم يرخص لهم أن يبتاعوا منه ما يكون لتجارة ولا لا دخار.
فالحاصل أن الأئمة الثلاثة الحجازيين والإمام أبا عبيد رحمهم الله كلهم أجمعين يرون بيع العرايا بيعًا استثناه رسول الله صلى الله عليه وسلم من حرمة بيع المزابنة ثم عممه النبي صلى الله عليه وسلم في كل مزابنة فيما دون خمسة أوسق وخصه أحمد ببيع الموهوب له من غير الواهب وخصه مالك ببيع الموهوب له من الواهب وخصه أبو عبيد بثمار أشجار مخصوصة أبقاها المالك عند بيع الحائط لنفسه وعياله فجاز له أن يبيعها من الفقراء بخرصها تمرًا.
وأما أبو حنيفة رحمه الله تعالى فلا يعتبر العرايا في الحقيقة بيعًا وإنما هو عنده بيع صورة واستبدال موهوب آخر حقيقة فاستثناء العرايا من المزابنة متصل عند الحجازيين ومنقطع عند أبي حنيفة اهـ من التكملة.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث زيد بن ثابت بحديث سهل بن أبي