والمحاقلة فوقع النهي عن جميعها مطلقًا جريًا على عُرف ذلك الزمان ولم تكن هذه الأسماء في أحاديث النهي تشمل كراء الأرض بالنقود ولا المزارعة بحصة شائعة من الخارج، وأما بعض الأحاديث التي ورد فيها التصريح بالنهي عن المزارعة بالثلث أو الربع فمحمولة على التنزيه والإرشاد وهي ما أخرجه أبو داود عن رافع بن خديج قال: كنا نخابر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر أن بعض عمومته أتاه فقال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمر كان لنا نافعًا وطواعية الله ورسوله أنفع لنا، قال: قلنا: وما ذاك؟ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كانت له أرض فليزرعها أو ليزرعها أخاه ولا يكارها بثلث ولا بربع ولا طعام مسمى".
وقد ثبت عن غير واحد من الصحابة أن هذا النهي لم يكن للتحريم وإنما كان للإرشاد والتنزيه ومما يدل على ذلك ما أخرجه النسائي [٢/ ١٥١] من طريق إبراهيم بن مهاجر عن مجاهد عن رافع بن خديج قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم على أرض رجل من الأنصار قد عُرف أنه محتاج فقال: "لمن هذه الأرض؟ قال: لفلان أعطانيها بالأجر، فقال: "لو منحها أخاه، فأتى رافعٌ الأنصاري فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسأنهاكم عن أمر كان لنا نافعًا وطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنفع لكم. فتبين من هذه الرواية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لو منحها أخاه يعني كان خيرًا فحمله رافع على النهي.
فقد أخرج النسائي وأبو داود عن عروة بن الزبير قال: قال زيد بن ثابت: يغفر الله لرافع بن خديج أنا والله أعلم بالحديث منه إنما أتاه رجلان من الأنصار وقد اقتتلا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن كان هذا شأنكم فلا تكروا المزارع" فسمع قوله: "لا تكروا المزارع".
وأخرج أبو داود والترمذي والنسائي عن عمرو بن دينار قال: سمعت ابن عمر يقول: ما كنا نرى بالمزارعة بأسًا حتى سمعت رافع بن خديج يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسأنهى عنه فذكرته لطاوس فقال: قال ابن عباس: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينه عنه ولكن قال: لأن يمنح أحدكم أرضه أخاه خير له من أن يأخذ خرجًا معلومًا.