البرد والقحط والعطش جائحة وكذلك كل ما كان آفة سماوية، وأما ما كان من الآدميين كالسرقة ففيه خلاف منهم من لم يره جائحة لقوله في حديث أنس (إذا منع الله الثمرة) ومنهم من قال: إنه جائحة تشبيهًا بالآفة السماوية اهـ (فلا يحل لك) أيها البائع (أن تأخذ منه) أي من أخيك المشتري (شيئًا) أي في مقابلة الهالك (بم تأخذ) أي بأي وجه تأخذه وبمقابلة أي شيء تأخذ أيها البائع (مال أخيك بغير حق) ظاهره حرمة الأخذ ووجوب وضع الجائحة وبه قال أصحاب الحديث، وحمله الفقهاء على الاستحباب من طريق المعروف والإحسان محتجين بحديث أبي سعيد الآتي أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالصدقة على من أصيب في ثمر ابتاعه فكثر دينه ليدفعها إلى غريمه ولو كان الوضع واجبًا لما أمر بها أو هو محمول على صورة عدم تسليم المبيع إلى المشتري فما هلك فيها يكون من البائع بالاتفاق أفاده ابن الملك.
وقوله:(بم تأخذ) بحذف ألف ما الاستفهامية لدخول الجار عليها مثل قولهم فيم وعلام وحتام وعم، ولما كانت ما الاستفهامية متضمنة معنى الهمزة ولها صدر الكلام ناسب أن يقدر أبم تأخذ، والهمزة للإنكار فالمعنى لا ينبغي أن يأخذ أحدكم مال أخيه باطلًا لأنه إذا تلفت الثمرة لا يبقى للمشتري في مقابلة ما دفعه شيء، وفيه إجراء الحكم على الغالب لأن تطرق التلف إلى ما بدا صلاحه ممكن وعدم تطرقه إلى ما لم يبد صلاحه ممكن فنيط الحكم بالغالب في الحالين اهـ قسط.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود [٣٤٧٠]، والنسائي [٧/ ٢٦٥]، وابن ماجه [٢١١٩].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة فيه فقال:
٣٨٥٤ - (٠٠)(٠٠)(حدثنا حسن) بن علي (الحلواني) الخلال المكي (حدثنا أبو عاصم) النبيل الضحاك بن مخلد الشيباني البصري، ثقة، من (٩) روى عنه في (١٢) بابا (عن ابن جريج بهذا الإسناد) يعني عن ابن الزبير عن جابر (مثله) أي مثل ما روى ابن وهب عن ابن جريج، وهذا تحريف والصواب (مثلهما) أي مثل ما روى ابن وهب وأبو