دَيْنًا كَانَ لَهُ عَلَيهِ, فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم, فِي الْمَسْجِدِ. فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا. حَتَّى سَمِعَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي بَيتِهِ. فَخَرَجَ إِلَيهِمَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى كَشَفَ سِجْفَ حُجْرَتِهِ. وَنَادَى كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ. فَقَال:"يَا كَعْبُ! ". فَقَال: لَبَّيكَ يَا رَسُولَ اللهِ!
ــ
(دينًا) أي بقضاء دين (كان له) أي لكعب (عليه) أي على ابن أبي حدرد (في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد) النبوي متعلق بتقاضى يعني طلب دينه في المسجد، وفيه جواز الكلام في المسجد عند الضرورة وقال بعضهم: إن الكلام في المسجد يأكل الحسنات إذا قصد ذلك وأما إذا جاء للصلاة فتشاغل بالتكلم فلا اهـ من التكملة، ووقع في رواية زمعة بن صالح عن الزهري أن ذلك الدين كان أوقيتين أخرجه الطبراني كما في فتح الباري [١/ ٤٥٩].
(فارتفعت أصواتهما) رفعًا غير بالغ حد الإنكار مع أنه كان يتضمن إحياء حق (حتى سمعها) أي سمع أصواتهما (رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيته) أي في حجرته ولا يستلزم سماعه صلى الله عليه وسلم أصواتهما أن يكونا قد رفعا أصواتهما رفعًا بالغًا حد الإنكار لصغر المسجد وقُرب الحجرة، وأما رفع الصوت المتفاحش فممنوع في المسجد لما أخرجه البخاري في باب رفع الصوت في المسجد عن السائب بن يزيد قال: كنت قائمًا في المسجد فحصبني رجل فنظرت فإذا عمر بن الخطاب فقال: اذهب فائتني بهذين فجئته بهما، فقال: من أنتما؟ أو من أين أنتما؟ قالا: من أهل الطائف، قال: لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما! ! ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم (فخرج إليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كشف سجف حجرته) أي سترها، والسجف -بكسر السين وسكون الجيم- الستر، وقيل هو الستران المقرونان بينهما فرجة وكل باب سُتر بسترتين مقرونتين فكل شق منه سجف والجمع أسجاف وسجوف، وأسجف الستر أرسله، وقال عياض وغيره: لا تسمى سجفا إلا أن يكون مشقوق الوسط كالمصراعين كذا في عمدة القاري [٤/ ٢٢٩]، والحديث دليل على جواز إرخاء الستر على الباب وعلى إرخاء ستر مشقوق الوسط.
(ونادى) رسول الله صلى الله عليه وسلم (كعب بن مالك) وهو الدائن (فقال) له في ندائه: (يا كعب فقال) كعب: (لبيك) أي أجبت لك إجابة بعد إجابة (يا رسول الله