حرف القسم الأصلي أعني الباء فالمختار النصب بفعل القسم ويختص لفظة الله بجواز الجر مع حذف الجار بلا عوض، وقد يعوض من الجار فيها همزة الاستفهام أو قطع همزة الله في الدرج (قال) أبو قتادة: (فإنِّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من سرّه) أي فرّحه وبشره (أن ينجيه الله) أي أن يجعله ذا نجاة (من كرب يوم القيامة) أي من شدائده وأهواله، والكرب بضم الكاف وفتح الراء جمع كربة بضم الكاف وسكون الراء وهي كما في المرقاة المحنة الشديدة والمشقة الأكيدة، وفي بعض النسخ بفتح الكاف وسكون الراء وهو بمعنى الكربة، وفي القرآن الكريم {فَنَجَّينَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ}(فلينفس) أي فليؤخر المطالبة بالدين (عن معسر) أي عن مديون ذي عسرة إلى مدة يجد فيها مالًا يقضي به الدين (أو يضع) أي فليحط (عنه) الدين أو يسقطه عنه ويتركه بلا مطالبة به مصداقه قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيرٌ لَكُمْ}.
قوله:(فتوارى عنه ثم وجده) تفصيله ما أخرجه أَحْمد في مسند [٥/ ٣٠٨] من طريق محمَّد بن كعب القرظي قال: (إن أَبا قتادة كان له على رجل دين وكان يأتيه يتقاضاه فيختبئ منه فجاء ذات يوم فخرج صبي فسأله عنه فقال: نعم هو في البيت يأكل خزيرة، فناداه: يَا فلان اخرج فقد أُخبرت أنك ها هنا. فخرج إليه فقال: ما يغيبك عني؟ قال: إنِّي معسر وليس عندي. قال: آلله إنك معسر؟ قال: نعم، فبكى أبو قتادة ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من نفس عن غريمه أو محا عنه كان في ظل العرش يوم القيامة").
قوله:(فلينفس) أي فليفرج، وأصله من النفس بفتحتين يقال: أَنْتَ في نفس أي في سعة فكأن من كان في كربة ضاقت عليه مداخل الأنفاس فإذا فُرِّج عنه فسحت اهـ مجمع البحار قوله: (أو يضع) بالجزم عطفًا على قوله: فلينفس، والقياس في مثله أن يقال:(أو ليضع) بإعادة اللام ولكن العرب يتوسعون في كلامهم بمثله والله أعلم.
قال في المرقاة:(فائدة): الفرض أفضل من النفل بسبعين درجة إلَّا في مسائل: الأولى: إبراء المعسر مندوب وهو أفضل من إنظاره الواجب، الثَّانية: ابتداء السلام