عن أبي جمرة، وكرَّر متن الحديث ولم يكتف بالأول لما في هذه الرواية من المخالفة للرواية الأولى في بعض الكلمات ولما فيها من الزيادة.
(قال) أبو جمرة (كنت) أنا (أترجم) وأفسر الكلام الجاري (بين يدي ابن عباس وبين الناس) أي أفسر الجاري بين ابن عباس وبين الناس الذين يستفتونه فلفظة يدي زائدة كما جاء حذفه في رواية البخاري، أو بمعنى الجملة والذات أي بين ذات ابن عباس ونفسه وبين الناس كما في قوله تعالى:{يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ}[النبأ: ٤٠] أي قدم، أو بمعنى قدام أي كنت بين يدي ابن عباس وقدامه حالة كوني أترجم وأفسر المحاورة الجارية بينه وبين الناس عند استفتائهم وإفتائه ففي الكلام على هذا تقديم وتأخير وحذف.
والمعنى كنت أبلغ كلامه وأفسره لمن لا يفهمه وعُرْفُ الترجمة التعبير بلغة عن لغة لمن لا يفهم، قال القاضي عياض: كان أبو جمرة فارسيًّا يترجم لمن حضر من الفارسيين، وقيل كان يُفْهِم كلام ابن عباس لمن لا يفهمه لزحام أو بعد، وفيه دليل على أن ابن عباس كان يكتفي في الترجمة بواحد لأنه مخبر، وقد اختلف فيه فقيل يجوز لأنه من باب الخبر لا من باب الشهادة وهو المشهور، ووجهه ابن رشد بأنه الأصل في كل ما يبعث فيه القاضي كقيس الجراحات والقسم والاستنكاه في الخمر، وقيل لا يكفي الواحد بل لا بد من اثنين لأنها شهادة وهذا القول لسحنون وابن عبدوس.
قال ابن الصلاح: وعندي أنَّه كان يبلغ كلام ابن عباس إلى من خَفي عليه من الناس إما من زحام منع من سماعه فأسمعهم وإما لاختصار منع مِن فهمه فَأفْهَمَهم أو نحو ذلك قال: وإطلاقه لفظ الناس يُشعر بهذا والظاهر أن معناه أنَّه يُفهمهم عنه ويفهمه عنهم (فأتته) أي فأتت ابن عباس وجاءته (امرأة) لم أر من ذكر اسمها حالة كون المرأة (تسأله) أي تسأل ابن عباس وتستفتيه (عن) حكم (نبيذ الجر) أي عن حكم النبيذ الذي انتبذ وبُلَّ في إناء الجرِّ هل يجوز شربه أم لا؟
والجرُّ بفتح الجيم اسم جمع والواحدة جرة كتمر وتمرة ويجمع على جرار وهي قلال من فخار غير أنها مطلية بالزجاج وهو الحنتم ونبيذ الجر هو ما ينبذ فيها من التمر