عن ابن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن) بن الحارث بن هشام القُرشيّ المدنِيُّ، والصحيح أن اسمه وكنيته واحد، ثِقَة، من (٣)(عن أبي مسعود الأَنْصَارِيّ) البدري عقبة بن عمرو المدنِيُّ رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته رجاله كلهم مدنيون إلَّا يحيى بن يحيى (أن رسول الله صلى الله عليه وسأنهى عن) أخذ (ثمن الكلب) وأكله، وفي الحديث الآخر:(وثمن الكلب خبيث) وهو ظاهر في تحريم بيع الكلاب كلها, ولا شك في تناول هذا العموم لغير المأذون فيه منها لأنها إما مضرة فيحرم اقتناؤها فيحرم بيعها وإما غير مضرة فلا منفعة فيها، وأما المأذون في اتخاذها فهل يتناولها عموم هذا النهي أم لا؟ فذهب الشَّافعيّ والأوزاعي وأَحمد إلى تناوله لها فقالوا: إن بيعها محرم فيفسخ إن وقع ولا قيمة لما يُقتل منها، واعتضد الشَّافعيّ بأنها نجسة عنده، ورأى أبو حنيفة أنَّه لا يتناولها لأن فيها منافع مباحة يجوز اتخاذها لأجلها فتجوز المعاوضة عليها ويجوز بيعها لأنها غير نجسة عنده وجل مذهب مالك على جواز الاتخاذ وكراهية البيع ولا يفسخ إن وقع، وقد قيل عنه مثل قول الشَّافعيّ، وقال ابن القاسم: يكره للبائع ويجوز للمشتري للضرورة وكان مالكًا رحمه الله في المشهور عنه لما لم يكن الكلب عنده نجسًا وكان مأذونًا في اتخاذه لمنافعه الجائزة كان حكمه حكم جميع المبيعات لكن الشرع نهى عن بيعه تنزيهًا لأنه ليس من مكارم الأخلاق فإن قيل: قد سوى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بين ثمن الكلب وبين مهر البغي وحلوان الكاهن في النهي عنها والمهر والحلوان محرمان بالإجماع فليكن ثمن الكلب كذلك.
فالجواب إنَّا كذلك نقول: لكنه محمول على الكلب الغير المأذون فيه ولئن سلمنا أنَّه متناول للكل لكن هذا النهي ها هنا قُصد به القدر المشترك الذي بين التحريم والكراهية إذ كل واحد منهما منهي عنه ثم تؤخذ خصوصية كل واحد منهما من دليل آخر كما قد اتفق هنا فإنَّه إنما علمنا تحريم مهر البغي وحلوان الكاهن بالإجماع لا بمجرد النهي سلمنا ذلك لكنا لا نسلم أنَّه يلزم من الاشتراك في مجرد العطف الاشتراك في جميع الوجوه إذ قد يعطف الأمر على النهي والإيجاب على النافي وإنما ذلك في محل مخصوص كما بيناه في أصول الفقه اهـ من المفهم.
(و) نهى عن (مهر البغي) أي عن العوض الذي تأخذه على زناها وسماه مهرًا لأنه