للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلِلَّذِي سَأَلْتَ -أَكْرَمَكَ اللهُ-

ــ

قال السنوسي: (وقوله: "يَشْغَلُكَ" هو بفتح الياء والغين المعجمة: مضارع شَغَلَ الثلاثي من باب فتَحَ، وهو اللغة الفصيحة الشهيرة، وعليها قولُه تعالى: {شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا}، وفيها لغةٌ رديئةٌ حكاها الجوهريُّ: أشغلَه يُشْغِلُه، فعَلَى هذه اللغةِ: يَصِحُّ أَنْ يُضْبَطَ قولهُ: "يشغلك" بضمِّ الياء وكسر الغين) اهـ (١)

وفي الكلام تقديمٌ وتأخيرٌ، والمعنى: وإِنما لَخَّصْتُها لك بلا تكرارٍ؛ لأنك زَعَمْتَ وقُلْتَ: إِنَّ ذلك التكرارَ (ممَّا يَشْغَلُكَ) أي: من المانع الذي يصرفك ويمنعك (عَمَّا قَصَدْتَه) أي: عن تحصيل المهِمِّ الذي قصدتَه وأَردتَ تحصيلَه.

وقولُه: (من التفهُّمِ) حالٌ من العائد المحذوف من قَصَدْتَ؛ أي: حال كون ذلك الذي قصدتَه من التفهُّم والإِدراك لمعنى الألفاظ الواردة (فيها) أي: في تلك الأخبار (والاستنباطِ منها) معطوفٌ على التفهُّم؛ أي: حالةَ كونِ المُهِمِّ الذي قصدتَه من التفهُّمِ والإِدراكِ لمعانيها منطوقًا ومفهومًا واستنباطِ الأحكام الفقهية واستخراجِها منها.

و(الاستنباطُ): استخراجُ الشيءِ من الشيءِ، يُقال: استنبط الماءَ إِذا استخرجَه من مَنْبَعِه بِحَفْرٍ.

قال السنوسيُّ: (وقولُه: "ولِلَّذي سَأَلْتَ" هو باللامِ الجارَّةِ خبرٌ مُقَدَّمٌ لقوله الآتي: "عاقبةٌ محمودةٌ" وكثيرًا ما يُوجَدُ في النُّسخ مُصَحَّفًا بحذف لام الجرّ) (٢).

أي: وللتلخيص الذي سألُتنيه (أَكْرَمَكَ اللهُ) سبحانَه بالعِلْمِ النافعِ، والظرفُ في


(١) "مكمل إِكمال الإِكمال" (١/ ٥)، وبعضه من كلام النووي في "شرح صحيح مسلم" (١/ ٤٥).
(٢) "مكمل إِكمال الإكمال" (١/ ٥)، وانظره في "شرح صحيح مسلم" للنووي (١/ ٤٦)، وقال العلَّامة السّنْدي: (قوله: "ولِلَّذِي سَأَلْتَ" بكسر اللام، والجارُّ والمجرورُ خبرٌ مقدَّم لقوله: "عاقبةٌ".
ونَصَّ النوويُّ رحمه الله تعالى على أَنَّ الفتحَ غلطٌ، ويُمكن توجيهه على أنه مبتدأ، خبرُه: "عاقبةٌ" بتقدير المضاف؛ أي: ذو عاقبة. وكأنه لكونه تكلُّفًا بلا حاجةِ عدَّه غلطًا، والله تعالى أعلم) "الحلّ المفهم" (ص ٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>