بصريان وواحد مدني وواحد إما بغدادي أو بلخي أو مروزي أي سأله سائل (عن كسب الحجام) أي عن حكم ما يكتسبه الحجام من المال بحجامته هل هو حلال أم حرام أو مكروه؟ ولم أر أحدًا من الشراح ذكر اسم هذا السائل (فقال) أنس: (احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم حجمه أبو طيبة) هو عبد لبني بياضة بطن من الْأَنصار اسمه نافع، وقيل: دينار قاله ابن عبد البر ووهموه، وقيل: ميسرة والصحيح الأول، وذكر ابن الحذَّاء في رجال الموطإ أنَّه عاش مائة وثلاثًا وأربعين سنة راجع الفتح والإصابة (فأمر) النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عليًّا رضي الله عنه بأن يعطي (له) أي لأبي طيبة في أجرة حجامته (بصاعين من طعام) يعني من تمر كما هو مصرح به عند البُخَارِيّ في البيوع من رواية مالك عن حميد، وأعطاه الأجر علي رضي الله عنه كما هو مصرح في حديث علي عند التِّرْمِذِيّ وابن ماجه اهـ من التكملة (وكلم) النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم (أهله) أي كم موالي أبي طيبة وسادته في حق ما يعطيه لهم أبو طيبة من كسبه أن يُخففوا عنه (فوضعوا عنه) أي خففوا عنه (من خراجه) أي من وظيفته المالية التي كلفوه بها أولًا، والخراج هنا ما كان يجعل المولى على عبده من غلة معينة يكسبها له كل يوم ويقال له: الضريبة أَيضًا، وقد أخرج ابن أبي شيبة أنَّه صلى الله عليه وسلم قال للحجام: كم خراجك؟ قال: صاعان، قال: فوضع عنه صاعأا. حكاه الحافظ في إجارة الفتح [٤/ ٣٧٨]. ودل هذا الحديث على جواز أجرة الحجام وهو قول الجمهور وحمل الجمهور أحاديث النهي على التنزيه لما في هذا الكسب من الدناءة والتلوث بالنجاسات، وذكر ابن الجوزي أن أجر الحجام إنما كُره لأنه من الأشياء التي تجب للمسلم على المسلم إعانة له عند الاحتياج إليه فما كان ينبغي له أن يأخذ على ذلك أجرًا، وجمع ابن العربي بين قوله صلى الله عليه وسلم: "كسب الحجام خبيث" وبين إعطائه الحجام أجرته بأن محل الجواز ما إذا كانت الأجرة على عمل معلوم ويُحمل الزجر على ما إذا كان على عمل مجهول، ومنهم من ادعى النسخ وأنه كان حرامًا ثم أبيح وجنح إلى ذلك الطحاوي اهـ من فتح الباري [٤/ ٣٧٦].
(وقال) صلى الله عليه وسلم: (إن أفضل) وأنفع (ما تداويتم) أي تعالجتم (به) من