وقال الأبي: قوله: (بم ساررته) فيه أن على العالم أن يكشف عما يظن أن باطنه خلاف ظاهره إذا خاف أن يجري فيه ما لا يجوز لأنه قام بباله أن مسارته في شأنها وقد سبق من جهله بالحكم ما سبق فاستكشف فإذا الأمر كما ظن وليس هذا من التجسس وكشف الأسرار وكثرة السؤال لأن المذموم من ذلك إنما هو فيما لا يختص بالإنسان ولا يلزمه القيام به.
وأما ما يختص بالإنسان أو يلزمه القيام به والنظر فيه فعليه البحث والكشف لئلا يجري من ذلك ما يضره أو يضاف إليه ما لا يرضاه اهـ منه، وقوله:(إن الذي حرم شربها حرم بيعها) الذي هنا كناية عن اسم الله تعالى فكأنه قال إن الله حرم شربها وحرم بيعها، ويحتمل أن يكون معناه إن الذي اقتضى تحريم شربها اقتضى تحريم بيعها إذ لا تراد إلا للشرب فإذا حرم الشرب لم يجز البيع لأنه يكون من أكل المال الباطل، وقد دل على صحة هذا المعنى قوله صلى الله عليه وسلم:"إن الله إذا حرم على قوم شيئًا حرم عليهم ثمنه" يعني شيئًا يؤكل أو يُشرب لأن ذلك هو السبب الذي خُرّج عليه الحديث ويلحق به كل محرم نجس لا منفعة فيه واختلف في جواز بيع ما فيه منفعة منها كالأزبال والعذرة فحرّم ذلك الشَّافعيّ ومالك وجل أصحابنا وأجاز ذلك الكوفيون والطبري وذهب آخرون إلى إجازة ذلك للمشتري دون البائع ورأوا أن المشتري أعذر من البائع لأنه مضطر إلى ذلك، رُوي ذلك عن بعض أصحابنا وهي قولة عن الشَّافعيّ اهـ من المفهم. وقوله:(ففتح المزادة) أي القربة التي فيها الخمر سماها مرة براوية ومرة بمزادة وهما بمعنى قال الفيومي: وربما قيل مزاد بلا هاء اهـ، قال القرطبي: قوله: (ففتح المزادة حتَّى ذهب ما فيها) فيه دليل على أن أواني الخمر إذا لم تكن مضراة بالخمر (الضاري من الآنية الذي ضري بالخمر أي اشتد فإذا جعل فيه النبيذ صار مسكرًا) أنَّه يجوز استعمالها في غير الخمر إذا غسلت ألا ترى أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لم ينكر عليه إبقاءها عنده ولا أمره بشقها ولو كانت نجسة لا يطهرها الغسل لأمره بشقها وتقطيعها كما فعل أبو طلحة لما قال لأنس: قم إلى هذه الجرار فكسِّرها، قال أنس: فقمت إلى مهراس لنا فضربتها بأسفله حتَّى تكسَّرت اهـ من المفهم. وذكر النووي عن القاضي أن المسارر الذي خاطبه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم هو الرَّجل الذي أهدى الراوية كذا جاء مبينًا في غير هذه الرواية وأنه رجل من دوس وغلط من ظن أنَّه رجل آخر اهـ وفي رواية قتيبة عن