الاستصباح يعني تنوير المصابيح بها وإيقاد السرج منها، والمقصود أن شحم الميتة يُنتفع به بهذه الطرق فهل يجوز بيعها؟ (فقال: لا هو حرام) قال أكثر الشافعية إن هذا الضمير المرفوع راجع إلى بيع الشحم دون الانتفاع به فيجوز عندهم الانتفاع بشحم الميتة بالطرق المذكورة أو بغيرها ولكن لا يجوز بيعه كما صرح به النووي والحافظ وغيرهما، وأما الجمهور ومنهم الحنفية فعلى أن شحم الميتة لا يجوز بيعه ولا الانتفاع به أصلًا فكأنهم جعلوا الضمير راجعًا إلى الانتفاع بالطريق المذكورة ويؤيد الجمهور لفظ ابن ماجه (لا هن حرام).
(ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك) أي عند سؤالهم عن شحوم الميتة أي ثم قال بعد جوابهم عن سؤالهم (قاتل الله اليهود) أي لعنهم الله تعالى، وقد جاء مصرحًا به في الرواية. الأخرى وكذا قاله ابن عباس، وقال غيره عاداهم (أن الله عزَّ وجلَّ لما حزم عليهم شحومها أجملوه) أي أذابوا الشحم، وفي رواية اجتملوها والإجمال والتجميل والجمل من باب نصر إذابة الشحم والجميل الشحم يذاب ويقطر على الخبز (ثم باعوه فكلوا ثمنه) وإنما فعلوا ذلك ليزول عنه اسم الشحم ويصير ودكًا فإن العرب إنما تسميه شحمًا قبل الإذابة وأما بعد الإذابة فهو ودك اهـ من المرقاة [٦/ ٤٠] ودل الحديث على أن مجرد تغير الاسم لا يؤثر في حال الشيء وحرمته ما لم تتغير حقيقته.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٣/ ٣٢٦]، والبخاري [٢٢٣٦]، وأبو داود [٣٤٨٦]، والترمذي [١٢٩٧]، والنسائي [٧/ ٣٠٩]، وابن ماجه [٢١٦٧].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث جابر رضي الله عنه فقال:
٣٩١٦ - (٠٠)(٠٠)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة و) محمد (بن نمير قالا: حدثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة الكوفي (عن عبد الحميد بن جعفر) بن عبد الله بن الحكم بن