للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ! أَرَأَيتَ شُحُومَ الْمَيتَةِ فَإِنهُ يُطلَى بِهَا السُّفُنُ وَيُدْهَنُ بِهَا الْجُلُود ويسْتَصْبحُ بِهَا الناسُ؟ فَقَال: "لَا. هُوَ حَرَامٌ"

ــ

كانت على صورة حيوان كالعجل أم لا كالشجر والحجر، والصنم كل ما عُبد من دون الله تعالى سواء كان له جثة أم لا كذا فرّق بينهما بعضهم.

(فقيل): أي قال بعض الحاضرين لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ولم أر من ذكر اسم هذا القائل (يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة) أي أخبرنا عن حكمها هل يجوز بيعها أم لا؟ (فإنه) أي فإن الشأن والحال (يُطلى) ويُلطخ (بها) أي بشحوم الميتة (السفن) أي الفلك الجارية في البحر لئلا ينخرق ويتأكل ألواحها في الماء (وبُدهن بها الجلود) الصلبة لتلين (ويستصبح) أي يستضيء (بها الناس) في مصابيحهم أي فهل يجوز بيعها لما ذُكر من المنافع فإنها مقتضية لصحة البيع اهـ من الفتح (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب السائل: (لا) تبيعوها (هو) أي بيعها لهذه الأغراض وغيرها (حرام) أي ممنوع إذ كانت نجسة نظيرها الدم والخمر مما يحرم بيعه وأكل ثمنه، وقال القرطبي: وهذا نص في أنه يحرم بيعها وإن كانت فيها منافع وذلك لأنها جزء من الميتة كاللحم أو هي كالشحم مع اللحم فإنه عنه يكون ولا يلزم من تحريم بيعها والحكم بنجاستها أن لا يجوز الانتفاع بها على ما قدمناه وهذا هو الذي يتمشى على مذهب مالك فإنه قد أجاز الانتفاع بما ماتت فيه ميتة من المائعات كالزيت والسمن والعسل وغير ذلك مع الحكم بنجاسته فقال: يُعمل من الزيت النجس الصابون ويستصبح به في غير المساجد ويُعلف العسل النحل ويُطعم النجس الماشية وإلى نحو ذلك ذهب الشافعي والثوري وأبو حنيفة ورُوي عن علي وابن عمر، وفرّق بعض أهل العلم بين شحوم الميتة وبين ما تنجس بما وقع فيه من النجاسة فقال: لا ينتفع بالشحوم لأنها نجسة لعينها بخلاف ما تنجس بما وقع فيه فإنه ينتفع به لأن نجاسته ليست لعينه بل عارضة اهـ من المفهم.

وقوله: (يُطلى بها السفن) الخ ذُكرت ها هنا للانتفاع بشحم الميتة ثلاث طرق: الأولى: تطلية السفن ولعلهم كانوا يفعلون ذلك لصيانة السفن عن مضار هواء البحر، والثانية: إدهان الجلود بها وكانوا يضمدون شحم الميتة على الجلود لإحكامها وفي قوله: يُدهن بها الجلود نسختان تشديد الدال على كونه من باب الافتعال وتشديد الهاء على كونه من باب التفعيل ذكرهما علي القاري في المرقاة [٦/ ٣٩] والطريقة الثالثة: هي

<<  <  ج: ص:  >  >>