للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالأَصْنَامِ "

ــ

خنزيرًا، وقد سُئل مالك عن خنزير الماء فقال: أنتم تسمونه خنزيرًا أي لا تسميه العرب بذلك، وقد اتقاه مرة أخرى على جهة الورع والله تعالى أعلم. فأما البري فلا خلاف في تحريمه وتحريم بيعه وأنه لا تعمل فيه الذكاة ومن هنا قال كافة العلماء: إن جلده لا يُطهره الدباغ وإنما يطهر الدباغ جلد ما تعمل الذكاة في حيه، وألحق الشافعي بالخنزير الكلب فلا يُطهِّر جلده الدباغ عنده، وقال الأوزاعي وأبو ثور: إنما يُطفر الدباغ جلد ما يؤكل لحمه، وقد أجاز مالك تذكية السباع والفيل لأخذ جلودها وهذا إنما يتمشى على قوله بكراهة لحمها، وأما على ما قاله في الموطأ من أن السباع حرام فلا تعمل الذكاة فيها فلا تطهّر جلودها بالدباغ كالخنزير وقد شذ داود وأبو يوسف فقالا: إنه يطهر بالدباغ كل حيوان حتى الخنزير ومتمسكهما قوله صلى الله عليه وسلم: "أيما إهاب دُبغ فقد طهر" ويعتضد أبو يوسف بقياس جلد الخنزير على جلد الميتة وينفصل الجمهور عنهما بأن هذا العموم محمول على نوع السبب الذي أخرجه وهو ميتة ما تعمل فيه الذكاة وبأن جلد الخنزير نادر لا يخطر بالبال حالة الإطلاق فلا يُقصد بالعموم كما قررناه في أصول الفقه وبأنه لا يقال: إهاب إلا على جلد ما يؤكل لحمه كما قاله النضر بن شميل، وأما القياس فليس بصحيح لوجود الفرق وذلك أن الأصل ميتة ما تعمل فيه الذكاة والفرع ميتة ما لا تعمل الذكاة فيه فكانت أغلظ وأفحش اهـ من المفهم.

(و) حرم بيع (الأصنام) فهي الصورة المتخذة للعبادة ولا خلاف في تحريم اتخاذها وبيعها وأنه يجب كسرها وتغييرها وكذلك كل صورة مجسدة كانت صورة ما يعقل أو ما لا يعقل، وأما ما كان رقمًا في ثوب أو حائط ففيه تفصيل سيأتي إن شاء الله تعالى، والأصنام جمع صنم وهو الوثن وفرّق بعضهم بينهما بأن الوثن ما له جثة والصنم ما كان مصورًا فبينهما عموم وخصوص وجهي فإن كانت الجثة مصورة فهي وثن وصنم جميعًا كما في فتح الباري [٤/ ٣٤١] وظهر من ذلك أن الصورة إذا لم يكن لها جثة كالصور المرسومة على القرطاس وغيره داخلة في الأصنام وإن لم تكن داخلة في الأوثان فلا يجوز بيعها واتخاذها بهذا الحديث ولكن هذا المنع إنما هو في بيع الصورة بقصد الصورة وإذا كسر الصنم وأمكن الانتفاع برضاضه فبيعه جائز عند بعض الحنفية والشافعية وكذا الحكم في الصلبان كما في عمدة القاري [٥/ ٦٠٦] والصلبان جمع صليب وهو كل ما نُحت على صورة آدمي وعبد كصورة عيسى ومريم، والوثن كل صورة مجسدة سواء

<<  <  ج: ص:  >  >>