منه شعر وأسفله عظم ومتوسطه هل يلحق بأطرافه أو بأصله فيه قولان لأصحابنا، وقد قال بنجاسة الشعر الحسن البصري والليث بن سعد والأوزاعي لكنها تطهر بالغسل عندهم فكأنها عندهم نجسة بما يتعلق بها من رطوبات الميتة وإلى نحو من هذا ذهب ابن القاسم في أنياب الفيل فقال: تطْهُر إن سُلقت بالماء، وعن الشافعي في الشعر ثلاث روايات إحداها أن الشعر ينجس بالموت، والثانية: أنها طاهرة كقولنا، والثالثة: أن شعر ابن آدم وحده طاهر وأن ما عداه نجس اهـ من المفهم.
وأما جلود الميتة فلا تُباع قبل الدباغ ولا ينتفع بها لأنها كلحم الميتة ولقوله صلى الله عليه وسلم:"لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب" رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، وأما بعد الدباغ فمشهور مذهب مالك أنها لا تطهر بالدباغ وإنما يُنتفع بها وهو مذهب جماعة من أهل العلم وعلى هذا فلا يجوز بيعها ولا الصلاة عليها ولا بها ولا ينتفع بها إلا في اليابسات دون المائعات إلا في الماء وحده، وذهب الجمهور من السلف والخلف إلى أنها تطهُر طهارة مطلقة وأنه يجوز بيعها والصلاة عليها وبها وإليه ذهب الشافعي ومالك في رواية ابن وهب وهو الصحيح لقوله صلى الله عليه وسلم:"أيما إهاب دُبغ فقد طهر" رواه أصحاب السنن، ولقوله صلى الله عليه وسلم:"دباغ الإهاب طهوره" رواه أحمد وابن حبان وغير ذلك وكلها صحيح اهـ من المفهم.
واستدل بهذا الحديث أيضًا على أنه لا يجوز بيع ميتة الآدمي مطلقًا سواء فيه المسلم والكافر، أما المسلم فلشرفه وفضله حتى إنه لا يجوز الانتفاع بشيء من شعره وجلده وجميع أجزائه، وأما الكافر فلأن نوفل بن عبد الله بن المغيرة لما اقتحم الخندق وقُتل غلب المسلمون على جسده فأراد المشركون أن يشتروه فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"لا حاجة لنا بجسده ولا بثمنه" فخلى بينهم وبينه. ذكره ابن إسحاق وغيره من أهل السير رواه ابن أبي شيبة، قال ابن هشام: أعطوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بجسده عشرة آلاف درهم فيما بلغني عن الزهري، وروى الترمذي من حديث ابن عباس أن المشركين أرادوا أن يشتروا جسد رجل من المشركين فأبى النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيعهم كذا في عمدة القاري [٥/ ٦٠٦].
(و) حرم بيع (الخنزير) وهو الحيوان المعروف البري ولا تعرف العرب في البحر