فَقَدِمَ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ. فَقَال لَهُ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيهِ وَسلمَ:"فُى تَمْرِ خَيبَرَ هكَذَا؟ " قَال: لَا، وَاللهِ، يَا رَسُولَ الله، إِنا لَنَشْتَرِي الصَّاعَ بِالصَّاعَينِ مِنَ الْجَمْعِ. فَقَال رَسُولُ الله صلى الله عَلَيهِ وَسلمَ:"لَا تَفْعَلُوا. وَلكِنْ مِثْلًا بِمِثْلٍ. أَوْ بِيعُوا هذَا وَاشتَرُوا بِثَمَنِهِ مِنْ هذَا. وَكَذلِكَ الْمِيزَانُ"
ــ
(فقدم) ذلك العامل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة (بتمر جنيب) بوزن حبيب نوع من أعلى التمر ذكره النووي، وقال في المرقاة نوع جيد من أنواع التمر، وقال مالك: هو الكبيسي، وقال الطحاوي: هو الطيب وقيل: الصلب وقيل الذي أُخرج من حشفه ورديئه يعني المنتقى، وقال غيرهم: هو الذي لا يخلط بغيره بخلاف الجمع (فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكُل تمر خيبر هكذا) أي مثل هذا الذي جئت به، فيه أن الاستخبار عن أحوال بلد آخر وعما يوجد فيه من الأطعمة والثمار ليس من فضول الكلام ولا من اللغو منه (قال) الرجل: (لا) أي ليس كل تمر خيبر هكذا (والله يا رسول الله إنا لنشتري الصالح) من هذا الجنيب (بالصاعين من الجمع) يعني من المخلوط الذي يجمع الجيد والرديء، وفي المرقاة: الجمع هو منوع من التمر لا يعرف اسمه أو تمر رديء أو تمر مختلط من أنواع متفرقة وليس مرغوبًا فيه وما يخلط إلا لرداءته اهـ وفسره في المصباح بالدقل وهو بفتحتين أردأ التمر (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تفعلوا) ذلك البيع أي بيع الصاع بالصاعين (ولكن) بيعوا التمر بالتمر حالة كونه (مثلًا) مقابلًا (بمثل أو بيعوا هذا) الجنيب (واشتروا بثمنه من هذا) الجمع، وفيه دليل على أن الذي ارتكب المحظور لجهالة معذور في أحكام الآخرة ولذلك لم يلمه النبي صلى الله عليه وسلم على فعله السابق وإنما أمره في المستقبل أن لا يعود ولكنه غير معذور في أحكام الدنيا فلا يصح العقد الباطل أو الفاسد بعذر الجهالة ولذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم برد هذا التمر وفسخ البيع فيما سيأتي من طريق أبي نضرة عن أبي سعيد والظاهر أن القصة واحدة (وكذلك) أي ومثل الكيل المذكور في الربوي المكيل (الميزان) يُعتبر التساوي فيه فيما إذا كان الموزون ربويًا، وقال النووي: معناه وكذلك الميزان لا يجوز التفاضل فيه فيما كان ربويًا موزونًا وحاصله أن الموزونات إنما تكون ربوية إذا كانت من المطعومات ولكنه تقييد لمطلق لفظ الحديث فيحتاج إلى دليل وفي بعض الهوامش: أي وكذلك ما يوزن من الربويات إذا احتيج إلى بيع بعضها ببعض يعني أن الموزون مثل المكيل لا يجوز التفاضل فيه اهـ.