لَقَدْ لَقِيتُ ابْنَ عَبَّاسٍ. فَقُلتُ: أَرَأَيتَ هذَا الذِي تَقُولُ أَشَيءٌ سَمِعْتَهُ من رَسُولِ الله صلى اللهُ عَلَيهِ وَسلمَ أَوْ وَجَدْتَهُ في كِتَابِ الله عَزَّ وَجَل؟ فَقَال: لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيهِ وَسلمَ. وَلَمْ أجِدْهُ في كِتابِ الله. وَلكِنْ حَدثني أُسَامَةُ بْنُ زَيدِ؛ أَنَّ النبِي صَلى الله عَلَيهِ وَسلمَ قَال:"الرِّبَا في النَّسِيئَةِ"
ــ
الخدري: والله (لقد لقيت) أنا ورأيت (ابن عباس فقلت) له: أي لابن عباس (أرأيت) أي أخبرني يا ابن عباس (هذا) الحكم (الذي تقول) وتفتي في الربا من جواز المفاضلة عند اتحاد الجنس (أشيء) أي هل هو شيء (سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم أو وجدته في كتاب الله عَزَّ وَجَلَّ (قال القرطبي: هو سؤال منكر طالب للدليل إذ لا دليل على الأحكام إلا الكتاب والسنة اهـ من المفهم (فقال) ابن عباس مجيبًا لأبي سعيد (لم أسمعه) أي لم أسمع هذا الحكم الذي أفتيته من جواز ربا الفضل (من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم أجده في كتاب الله) تعالى (ولكن حدثني أسامة بن زيد) بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحبه (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الربا في النسيئة) لا في الفضل، والتعريف فيه للعهد أي الربا الذي عرف كونه في النقدين والمطعوم أو المكيل أو الموزون على اختلاف فيه ثابت في النسيئة اهـ مرقاة أي في تأخير أحد العوضين عن العقد لا في المفاضلة فيه.
قوله:(ولكن سمعته من أسامة) قال القرطبي: لا شك في صحة حديث أسامة لأن أسامة عدل لكنه حديث ترك الأخذ به لأحاديث الربا فيكون منسوخًا بها، وقيل معنى لا ربا إلا في النسيئة في العروض، وقيل أراد بذلك الأجناس الستة المختلفة المذكورة التي هي الذهب وما بعده وما ينقاس عليها، وقيل: أراد ربا الجاهلية الذي كانوا يقولون فيه: إما أن تقضي أو تربي وهو الربا المذكور في قوله تعالى: {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ} وهذا الجواب هو الذي سلكه بعض العلماء وارتضى به اهـ من الأبي والسنوسي بتصرف واختصار.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٥/ ٢٥٠ و ٢٠٤] , والبخاري [٢١٧٨] , والنسائي [٧/ ٢٨١] , وابن ماجه [٢٢٥٧].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أسامة رضي الله عنه فقال: